حوار: شهد سليمان    

انتشر مصطلح “البودكاست” مؤخرًا، كقوّة إعلامية ثورية تتحدى معايير وسائل الإعلام التقليدية، وتُبشر بعصرٍ جديدٍ من صناعة المُحتوى؛ مُتجاوزة هويتها الأولية باعتبارها شكلاً من أشكال الترفيه؛ لتصبح منصة قوية ومُتعددة الاستخدامات ذات آثار بعيدة المدى، ووسيلة جديدة من الوسائل الإعلامية الحديثة، التي أصبحت ذات جماهيرية كبيرة، لما تتمتع به من تنوع في المحتوى المقدم.

وعلى هذا النحو، تحدثت جريدة “الشروق نيوز”، مع إيهاب محي الدين، مُنتج ومُخرج بودكاست، حول أهميته حاليًا في السوق الإعلامي؛ موضحًا الخطوات التي يجب اتباعها لإنتاج بودكاستٍ ناجحٍ. 

كيف ترى تحول البودكاست إلى منصةٍ صحفيةٍ؟ وما سر جاذبيته الفريدة؟

رغم موجود المحتوى الصوتي منذ زمانٍ طويلٍ، والتشابه الكبير بين البودكاست والبث الإذاعي، أو الراديو؛ إلا إنه قدم مزايا كثيرةً وجديدةً، ساعدت في انتشاره بهذه السرعة؛ أهمها: فكرة تواجده في أي وقتٍ، وسهولة الوصول له؛ عن طريق المنصات الخاصة به، بالإضافة إلى سهولة الاشتراك في البرامج المُفضلة لك، ومُتابعة الحلقات أولًا بأول، كما أنه يتميز بالتنوع، كونه يُغطي مُختلف المجالات تقريبًا، وبالتأكيد ستجد برنامجًا يُناسب ذوقك.

ما الذي يمنح البودكاست القدرة على إيصال الأخبار بشكلٍ مُختلفٍ وأكثر تأثيرًا؟

فكرة السرد، فعادة يمتلك مقدمون البودكاست القدرة على نقل خبراتهم وتجاربهم، والمعلومات التي يمتلكوها في مُختلف المجالات على شكل قصصٍ جذابةٍ ومؤثرةٍ، وهذا يخلق احساسًا بالترابط مع المُستمعين، بالإضافة إلى مُدة المحتوى، والتي تكون أقصر من أي وسيلة إعلامية أخرى، وهذا الأمر يجعلها أسهل وأمتع في الاستماع، وأسهل في وصول المحتوى، كما أنه يتناسب مع إيقاع الحياة السريعة التي نعيشها، ويُمكن استماعه أثناء تأديه أي نشاطٍ آخر، على عكس المحتوى البصري التي يتطلب التركيز معه، وتخصيص جزءًا من وقتك له.

بالإضافة إلى أن البودكاست يُركز بشكلٍ كبيرٍ على تنمية الذات والتحفيز، وكيفية تطور الذات، لأن أغلب الضيوف من النوابغ، وعناصرٍ ناجحةٍ، وخبراءٍ في مجالاتٍ مُختلفةٍ، وهذا يؤثر إيجابيًا على المُستمع، كما أن “البودكاست” فتح الباب لكثيرٍ من المواهب الحقيقية، التي لم تأخذ فرصتها في وسائل الإعلام التقليدية.

كيف ترى تحول البودكاست إلى منصةٍ صحفيةٍ؟

كثير من المؤسسات الصحفية بدأت تلجأ للبودكاست مؤخرًا، وهذا اعتمد على أن هناك الكثيرين لا يحبون القراءة، وليس لديهم الوقت لمُتابعة الإنترنت، وهذا ما جعل البودكاست جزءًا أساسيًا من المجال الصحفي.

ما هي الخطوات الأولى لإنشاء بودكاست ناجحًا؟ وما الأدوات والمهارات التي يحتاجها المبتدئ؟

من أهم مميزات البودكاست أنه لا يخضع للوائح وإجراءات روتينية كباقي وسائل الإعلام، ويقوم على المجهود الذاتي، لكنه يجب تنفيذ عدة خطوات لإنتاج “بودكاست” ناجحًا؛ والتي منها:

١- حدد المواضيع الخاصة بالبودكاست، والتي تتناسب مع اهتماماتك ومهاراتك، وتحديد الهدف منه (زيادة وعي- ترويج لعلامة تجارية – تنمية- ترفية،…).

٢- استمع لبرامج البودكاست الأخرى في نفس مجالك، وحاول فهم طبيعة الجمهور، ومدة الحلقة.

٣- حدد نوع البودكاست (حواري- مونولوج- خيال- روايات)، وحدد عدد الحلقات للموسم الأول.

٤- اختر اسمًا للبودكاست، يكون بسيطًا ومُباشرًا؛ ليتوافق مع محركات البحث.

٥ – اكتب النص ومُخطط تفصيلي للحديث؛ للحفاظ على مسار الحديث، وكتابة مقدمة وخاتمة.

٦- جهز المعدات (مايك، وفلتر للصوت، سماعات رأس، برامج لتسجيل وتعديل الصوت).

٧- جهز مساحة هادئة للتسجيل، ولا تخشى من التوتر أو الإعادة لأكثر من مرة، فهذه البداية ومع الوقت يكون الأمر أسهل.

٨ – عدل الصوت، واحذف أي كلامٍ خارج محتوى الحلقة، ورتب المقاطع؛ بحيث سرد الحلقة يكون واضحًا.

٩ – اكتب وصفًا مُختصرًا للبرنامج، وكلماتًا رئيسيةً مُباشرةً لمحركات البحث، وصمم غلافًا مُناسبًا للبرنامج.

١٠- حمل ملفات الصوت التي تخدم البودكاست، حتى تتمكن من نشر مدونتك الصوتية على تطبيقات البودكاست، والتي منها: Rss، Buzzsprout، وغيرها من المنصات التي يتم تخزين الحلقات بها، ثم مُشاركة الرابط على منصات البودكاست؛ مثل: “Spotify،Apple podcasts،Google podcasts ، stitcher”، بعد تفعيل حسابًا بها، وكتابة معلومات ووصف البودكاست الخاص بك، وبذلك سيكون مُتاحًا للجمهور.

١١- إنشاء صفحة خاصة لمدونتك عبر مواقع التواصل الاجتماعي للتسويق للمحتوى، ويجب الالتزام بمواعيد النشر بشكلٍ مُستمرٍ لاتساع قاعدة جمهورك.

كيف يُعيد البودكاست تشكيل المشهد الصحفي التقليدي؟

البودكاست يعتبر نقطة تحول في عالم الصحافة؛ لأنه أعاد تشكيل طريقة نشر الأخبار واستهلاكها ومُناقشتها، وتوفير منصة جديدة للتحليل العميق، والتقارير الاستقصائية، والمُناقشات الدقيقة غير المتاحة في الصحافة التقليدية؛ لأنه ليس عليه قيودًا، بالإضافة إلى أنه يوفر رؤية شاملة للخبر، والقضايا والشخصيات.

كيف يصبح البودكاست أداة للتحقيقات الاستقصائية المؤثرة والتفاعل مع الجمهور؟

يسمح البودكاست للصحفيين، بتخصيص الوقت والموارد اللازمة للكشف عن القصص غير المروية؛  حيث يسلط الضوء على القضايا التي لم تحظى بالاهتمام الكافي من وسائل الإعلام الأخرى، و هذا يُساعد في خلق مشهدًا إخباريًا شاملًا ومُتنوعًا، كما أن الحديث المُباشر مع الخبراء يوفر للمستمع رؤيةً ووجهات نظرًا تتجاوز اللقطات الصوتية، والمُقابلات المكتوبة، ويعتبر أكثر حرية وشفافية.