# Tags
#منوعات

سد النهضة.. أزمة المياه التي تهدد العلاقات بين مصر وإثيوبيا

كتابة : أحمد أيمن

تُعد أزمة سد النهضة الإثيوبي واحدة من أكثر القضايا تعقيدًا في القارة الإفريقية خلال العقد الأخير، لما تحمله من أبعاد سياسية واقتصادية وأمنية تمس حياة أكثر من مئة مليون مصري يعتمدون بشكل أساسي على مياه نهر النيل.

بدأت القصة في فبراير عام 2011 عندما أعلنت إثيوبيا عزمها بناء سد ضخم على النيل الأزرق، وهو ما أثار قلق مصر والسودان باعتبارهما دولتي المصب اللتين تعتمد حياتهما على تدفقات النهر. وفي أبريل من العام نفسه، وُضع حجر الأساس وبدأت أعمال البناء رسميًا، لتبدأ بعدها مرحلة طويلة من المفاوضات المتعثرة بين الدول الثلاث.

 

 

اتفاق إعلان المبادئ.. خطوة نحو التفاهم:

في مارس 2015، شهدت العاصمة السودانية الخرطوم توقيع اتفاق تاريخي حمل اسم إعلان مبادئ سد النهضة بين رؤساء مصر والسودان وإثيوبيا.
الاتفاق تضمن عشرة مبادئ أساسية تنظم التعاون بين الدول الثلاث أبرزها:

مبدأ التعاون والمنفعة المشتركة.

عدم التسبب في ضرر لأي طرف.

الاستخدام المنصف للمياه.

الاتفاق على قواعد الملء الأول والتشغيل السنوي للسد.

وأكدت الوثيقة أن الغرض من السد هو توليد الطاقة الكهربائية لدعم التنمية في إثيوبيا، مع الحفاظ على مصالح دول المصب.

رسالة السيسي: “الثقة أهم من الوثائق:

خلال حفل التوقيع، خرج الرئيس عبد الفتاح السيسي عن نص كلمته المكتوبة موجّهًا حديثه إلى شعوب مصر والسودان وإثيوبيا قائلاً:

“انتهيت من كلمتي المكتوبة، لكني أود أن أقول لشعوبنا إن الثقة المتبادلة بيننا أهم من أي وثيقة نوقعها.”

كلمة السيسي لاقت تصفيقًا حارًا من الحضور واعتُبرت لحظة رمزية تعكس رغبة مصر في بناء علاقة قائمة على حسن النية والتفاهم.

إيجابيات الاتفاق:

يرى خبراء أن اتفاق إعلان المبادئ أسهم في:

تهدئة التوتر بين القاهرة وأديس أبابا.

تثبيت حقوق مصر المائية وفق القانون الدولي.

فتح مسار للتعاون الفني بين الدول الثلاث.

إقرار آلية لتسوية النزاعات بالطرق السلمية.
كما أنه عكس توجهًا مصريًا جديدًا نحو تعزيز العلاقات مع إفريقيا، خاصة دول حوض النيل.

ورغم مرور سنوات على توقيع الاتفاق، ما زالت المفاوضات تراوح مكانها.
فقد تصاعد التوتر مؤخرًا بين القاهرة وأديس أبابا بسبب غياب التنسيق حول قواعد تشغيل السد وقيام إثيوبيا بتصرفات أحادية في ملء الخزان، وهو ما تعتبره مصر تهديدًا مباشرًا لأمنها المائي.

وشهدت بعض المناطق الريفية المصرية مثل “طرح النهر” فيضانات غير مسبوقة، ألقت الحكومة المصرية باللوم فيها على زيادة التصريفات القادمة من سد النهضة.
في المقابل، أكدت الحكومة الإثيوبية “حقها السيادي في استخدام مواردها المائية” دون قيود.

تصريحات :

أكد الرئيس عبد الفتاح السيسي في أكثر من مناسبة أن مصر لن تقف مكتوفة الأيدي أمام أي محاولة للإضرار بحقوقها المائية، مشددًا على أن الدولة ستتخذ  كل الإجراءات الضرورية لحماية مصالحها وأمنها القومي.

تظل قضية سد النهضة اختبارًا حقيقيًا للعلاقات بين دول حوض النيل، فبينما تؤكد مصر على حقها في الحياة، تتمسك إثيوبيا بحقها في التنمية.
ويبقى الحل الوحيد هو التعاون الصادق والحوار الشفاف للوصول إلى اتفاق شامل يحقق مصلحة الجميع ويجنب المنطقة صراعًا مائيًا قد يمتد لأجيال قادمة.

Leave a comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *