# Tags
#ثقافة وفن

اللحظة الأخيرة

اللحظة الأخيرة

قصة: عبد الوهاب محمد

فاتن بنت جميلة وحيدة أبويها قمة فى الأدب والأخلاق الرفيعه مجتهدة فى دراستها، وهى الآن فى الثانويه العامة، وكل أملها الإلتحاق بكلية الطب حتى تحقق ما يتمناه أبواها. وكانت فاتن معجبة أشد الإعجاب بابن عمها الذى يسكن فى البيت المجاور لهم والذى التحق بكلية العلوم منذ سنتين، وهو مجتهد جدًا فى دراسته خلوق وخجول إلى أقصى حد، وكانت فاتن تنظر إليه نظرة إعجاب تحول إلى حب، وكانت تستعين به فى شرح بعض المواد الصعبه وكان لا يتوانى لحظه فى تلبية طلبها، فكان الإعجاب يزداد يومًا بعد يوم، وبالفعل حقق الله أمل فاتن وأبويها والتحقت بكلية الطب.

وبعد تخرج أحمد في كلية العلوم التحق للعمل بإحدى شركات الأدوية المشهورة نظرًا لتفوقه وكفاءته، وذهبت فاتن ووالداها ليباركوا لأحمد على هذه الوظيفة المرموقة وكانت والدة فاتن تشعر من نظرات فاتن لأحمد أن هناك شيء ما يدورفى خاطرها وكانت تتساءل هل هو حب أم مجرد إعجاب فقط؟!

وبعد مرور ثلاث سنوات من عمل أحمد قرر أحمد الارتباط بإحدى زميلاته فى العمل، وبالفعل اتفقا على كل شيء وأخبر والده بالموضوع ففرح والده جدًا، وقال اذهب يا أحمد إلى عمك وأخبره بموعد الخطوبة.

ذهب أحمد إلى منزل عمه المجاور مسرعًا فقابل فاتن قائلا أين عمى؟ أين عمى؟ وكانت السعاده تبدو على ملامح وجهه، فتعجبت فاتن وراودتها بعض الأفكار هل من الممكن؟ ربما وكان السؤال الذى يدور فى ذهنها هل أتى أحمد لخطبتها؟ هل أبتسم الحظ لها الآن وكتبت لها السعادة؟ هل أحس بحبها له؟ وأسرعت فاتن إلى الداخل قائله تفضل تفضل والدى فى حجرة الجلوس، دخل أحمد إلى عمه وقبله قائلًا بارك لى يا عمى لقد وجدت شريكة حياتى وجدتها أخيرًا، فسأله عمه من هى يا ترى؟ وكان قلب فاتن ووالدتها التى تشعر بحب فاتن لأحمد يكاد يقف خوفا من الإجابة، وكان أحمد سريعًا فى رده قائلًا إنها زميلتى فى العمل وقد اتفقنا على كل شيء.

كانت فاتن واقفه فى هذه اللحظة، فأحست بدوار وكادت نسقط على الأرض لولا ملاحظة أمها لها التى احتضنتها وأجلسته، فسأل أحمد ماذا بك يا فاتن؟ فردت والدتها أنها سعيدة لسماعها خبر خطبتك، وفقك الله يا ابنى فنظر أحمد إلى فاتن قائلًا عقبالك يا فاتن فردت عليه فاتن قائله شكرًا يا أحمد ألف مبروك وفقك الله وكتب لك السعادة.

ومرت السنوات وتخرجت فاتن في كلية الطب وكان تكليفها بمستشفى قصر العينى بالقاهرة، تقدم لخطبة فاتن الكثير من زملائها الأطباء، ولكن كانت فى كل مرة ترفض، وكانت والدتها تلح عليها بالقبول قائلة لها تزوجى يا فاتن قبل أن يفوتك قطار الزواج، وكانت أمها الوحيدة التى تعلم أن جرح قلبها ما زال ينزف.

وفى أحد الأيام وأثناء مرور الدكتورة فاتن على المرضى نظرت على كارت مريض وقرأت الأسم فأخفق قلبها وكاد يقف إنه أحمد ابن عمها، ونظرت الدكتورة فاتن فوجدت إنسانًا نحيفًا جدًا، وقد تغيرت ملامحه، فاقتربت منه الدكتورة فاتن قائلة ماذا بك ياأ حمد ماذا بك ياحبيبى فتعجبت الممرضات ولاحظت الدكتورة فاتن ذلك، فقالت إنه أحمد أبن عمى فقالت لها الممرضه لقد حضر أحمد منذ خمسة أيام، وهو فى حالة إعياء شديد، والعجيب إنه جاء بمفرده ولم يسأل عنه أحد خلال هذة الفترة إنه يعانى من مرض الكبد وحالته متأخرة وتحدث له غيبوبة متكررة، فانهارت الدكتورة فاتن وأخذت تبكى بشدة مرددة ماذا حدث لك يا حبيبى ماذا حدث لك؟ وبعد مرور ساعة أفاق أحمد من الغيبوبة ونظر فوجد الدكتورة فاتن بجواره، فقال فاتن ماذا أحضرك إلى هنا؟ فأجابته فاتن أنا أعمل هنا يا أحمد لا تقلق ستصبح بخير إن شاء الله.

وكانت فاتن تقوم بأداء عملها المكلفة به فى المستشفى ثم تذهب إلى أحمد لتراعيه وتطمئن عليه، وفى الأسبوع الثانى تقدمت فاتن بطلب إجازة لمدة شهر بدون مرتب لتصبح متفرغة تمامًا لخدمة أحمد، فتعجب الجميع من تصرفها وبالفعل حصلت فاتن على الإجازة، وبدأ أحمد يقص على فاتن ما حدث له وكم كانت زوجته أنانية غليظة القلب، سيئة الخلق لم تقف بجواره فى شدته، بل طلبت منه الطلاق، وعندما رفض من أجل ابنه وابنته قامت برفع قضية خلع، وبالفعل تم الحكم لصالحها، ومنعت عنه ابنه وابنته، وكانت قاسيه معه جدًا، وعلم بعد ذلك انها ارتبطت بأحد زملائها فى العمل، وانهارت الدموع من عينيه!

فقالت له فاتن أحمد لا تنظر إلى الخلف لأن ما حدث هو إرادة الله، ولكن الآن اهتم بنفسك وعلاجك، وانظر إلى المستقبل واحتسب، فأجابها أحمد عندك حق يا فاتن، وبمرور الأيام شعر أحمد بتحسن فى صحته، ولكن حالة كبده مازالت متأخره فهناك قصور كبير فى وظائف الكبد.

وفى أحد الأيام اقتربت فاتن من أحمد وقالت له لقد سمعت ان المرأة تحشر يوم القيامة فى الجنه مع زوجها ما دامت مخلصة ومحبه له فقال نعم، قالت فاتن هل من الممكن أن تمنحنى هذا الشرف يا أحمد.. هل تتزوجنى ونحشر يوم القيامه معاًربما أحقق أمنية فى الأخرة لم أستطيع تحقيقها فى حياتى؟ نظر أحمد بنظرات تعجب قائلا كم كنت أعمى كيف تركتك وتزوجت غيرك؟!

فقالت فاتن لا عليك يا أحمد انتهى وقت العتاب.. هل أنت موافق فأجابها أحمد موافق طبعاً موافق موافق، ولكن خائف عليك وسأظلمك يا فاتن، فردت فاتن أنا لا أريد غيرك، ولن أكون لغيرك، واتصلت فاتن بوالدها ووالدتها وطلبت منهما الحضور إلى المستشفى على الفور لكى يروا خطيبها فتعجبوا خطيبها، وفى نفس الوقت أحسا بسعادة غامرة أخيرًا ستتزوج فاتن.

وأسرعا إلى المستشفى قائلين أين العريس أين العريس؟ فأشارت فاتن إلى السرير فتعجبا، هل تقصدين أن هذا العريس؟ فأشارت برأسها وعندما دقق والدها فى ملامحه اندهش قائلا إنه يشبه أحمد ابن عمك، فأجابته فاتن نعم يا والدى إنه أحمد ابن عمى وربطت والدة فاتن على يد والدها، واقتربت منه قائلة وافق يا حاج إبراهيم وافق أرجوك، لأنها تعلم مدى حب ابنتها لأحمد وتعرف ما يدور بخاطرها. وبالفعل وافق والد فاتن وتم الزواج وسط دهشة من المأذون وجميع الحاضرين، لأن المأذون ولأول مرة يقوم بعقد قران فى مستشفى، وكانت فاتن سعيدة جدًا، وكادت ترقص من الفرحة.. أخيرًا فازت بمن تحب لا يهم أي شيء المهم إنه لها الآن.

وبعد مرور أيام معدودة ساءت حالة أحمد ودخل فى غيبوبة، وتم نقله إلى العنايه المركزة، وكانت فاتن بجواره قائله له لا تقلق أنا معك على الدوام… بعد الآن لن يترك أحدنا الآخر، وفى فجر يوم الخميس فاضت روح أحمد الطاهرة إلى ربها، ولكن فاتن أمسكت حزنها على فراقه موقنه أنهما سيتقابلا فى الجنه إن شاء الله.

Leave a comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *