# Tags
#مقالات رأى

كيف ندعم صناعة الإعلام فى مصر؟

بقلم- د. محمد شومان:

أدعو لفرض ضرائب على الإعلانات المصرية التى تبث فى قنوات تليفزيونية ومنصات رقمية أجنبية، وتذهب الحصيلة لصندوق دعم الإعلام المصرى.

بداية علينا أن نقر أن الصحافة صناعة ورسالة، كذلك التليفزيون والمنصات الرقمية، ويعمل فى صناعة الإعلام آلاف المصريين، لكن الصناعة التى كانت تقود المنطقة العربية وتعزز القوة الناعمة المصرية تعانى من مشكلة نقص الدخل من الإعلانات نتيجة سببين، الأول: تحول بعض المُعلنين لوسائل التواصل الاجتماعى. والثانى: تحول بعض المُعلنين المصريين لعدد من القنوات الأجنبية الناطقة بالعربية.

وإذا استمرت الشركات المصرية فى بث جزء معتبر من إعلاناتها عبر وسائل التواصل الاجتماعى وفى قنوات أجنبية – بعضها يعمل من مدينة الإنتاج الإعلامى كشركات مسجلة فى خارج مصر – فإن أزمة القنوات التليفزيونية المصرية ستستمر، خاصة قنوات ماسبيرو أو تليفزيون الخدمة العامة الذى يعانى من مشكلات موروثة. كما ستظل أزمة الصحافة الورقية دون حل. كما لن تستطيع القنوات التليفزيونية المصرية العامة والخاصة مجاراة التطور التكنولوجى فى مجال البث وإنتاج المحتوى، وبالتالى المنافسة على جذب الجمهور والإعلانات، لأن القنوات الأجنبية لديها موارد كافية، يأتى جزء معتبر منها من إعلانات الشركات المصرية التى تعمل فى مصر وتبيع منتجاتها أساسًا داخل الأسواق المصرية. ومن البديهى أن استمرار تدفق إعلانات الشركات المصرية على هذه القنوات الأجنبية سيمكنها من تطوير إنتاجها وتقديم محتوى جذاب ومبهر، لكنه قد لا يعبر بأمانة وصدق ومسئولية اجتماعية عن أوضاع المجتمع المصرى والتحديات التى تحيط به فى هذه المرحلة.

لست ضد أى قناة غير مصرية سواء كانت تبث من مدينة الإنتاج الإعلامى أو من خارج مصر، فأنا مع حرية الإعلام والمنافسة العادلة التى ستصب فى مصلحة المشاهد، كما ستطور القنوات المصرية وتشجعها على التجديد والابتكار، وأثق أن القنوات المصرية العامة والخاصة، والصحف والمنصات المصرية قادرة على التطوير والمنافسة، لأن بها خبرات وكوادر على أعلى مستوى، كما يمكن تأهيل بعض الصحفيين وتدريبهم على التحول الرقمى، شرط توافر مصادر التمويل اللازمة.

ومن المنطقى أن الشركات المصرية – التى تنتج وتبيع منتجاتها داخل مصر – أن تعلن عبر قنوات مصرية تخاطب الجمهور المصرى المستهلك الرئيسى لمنتجاتها أو خدماتها. وكما نعرف فإن المستهلك المصرى هو الذى يدفع تكلفة هذا الإعلان، وبالتالى فإن الاعتبارات الأخلاقية والوطنية والمهنية تفرض إنفاق هذا الإعلان داخل مصر لتحقيق مصالح متعددة منها الوصول الفعال إلى المستهلك المحلى، وزيادة حصيلة الإعلانات من أجل استمرار وتطوير قنوات التليفزيون المصرى والحفاظ على حقوق ووظائف العاملين فيها.

ومع ذلك أنا لست ضد حرية الشركات المصرية فى بث إعلاناتها على قنوات أجنبية أو من خلال منصات التواصل الاجتماعى التى توفر الإعلان المخصص والذكى والقادر على استهداف فئات محددة من الجمهور. إن أى شركة لها مطلق الحرية فى اختيار الوسيلة التى تعلن من خلالها، طالما ترى أن ذلك سيحقق مصالحها، لكن لكى نوفر مناخ منافسة عادلة بين القنوات الأجنبية ذات الموارد الضخمة ووسائل التواصل العملاقة، وبين وسائل الإعلام المصرى، لابد من دعم القنوات المصرية من خلال:

أولاً: سن قانون جديد يفرض ضريبة 25% على الأقل من قيمة أى إعلان تبثه شركة مصرية فى أى قناة أجنبية أو وسيلة تواصل اجتماعى.

ثانياً: سن قانون بفرض ضرائب ورسوم على إيرادات ومنصات البث الرقمى الأجنبية مثل نتفيليكس وأمازون برايم وشاهد وغيرها، بنسبة 5% على الأقل، مع إلزام هذه الشركات بالاستثمار فى إنتاج محتوى مصرى، وقد طبقت فرنسا تشريعات وإجراءات مماثلة تقريباً.

ثالثاً: إجبار شركات وسائل التواصل الاجتماعى وجوجل على الدخول فى مفاوضات جادة لدفع تعويضات مالية أو تقديم خدمات تكنولوجية مقابل نشر أو استخدام أو عرض المحتوى، الذى تنتجه الصحف والقنوات التليفزيونية والمنصات الرقمية المصرية، وهناك تجارب دولية ناجحة فى هذا المجال طبقت فى أستراليا وفرنسا وكندا والبرازيل. ما يعنى أننا فى مصر لن نخترع العجلة، وإنما نطالب بحقوق الإعلام المصرى.

وستذهب حصيلة الضرائب والتعويضات إلى صندوق مستقل ينشأ باسم «دعم الإنتاج الإعلام المصرى» ويديره خبراء لضمان توزيع حصيلة هذه الضرائب بشفافية، وبشرط ألا تستخدم كدعم مفتوح للميزانيات التشغيلية، وإنما لتطوير البث بجودة HD/4K، وإنتاج محتوى مبتكر وذى قيمة تنافسية، مع تخصيص جزء من هذا الدعم لسرعة إطلاق القنوات التليفزيونية المصرية لمنصات رقمية يشترط أن تنتج محتوى رقميًا أصيلًا، قصيرًا، وجذابًا، ويستهدف الشباب والمشاهد المتنقل.

Leave a comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *