# Tags
#مقالات رأى

صحافة الواقع الافتراضي في مصر

د . هند يحيى

بقلم : د. هند يحيى

هل أنت مستعد للعيش داخل الخبر؟ صحافة الواقع الافتراضي تقتحم المشهد الإعلامي المصري!

تخيل أنك لست مجرد قارئ أو مشاهد للخبر، بل أنت جزء منه! أن تشعر بنبض الشارع، تتجول في المواقع التاريخية، أو حتى تعايش قصة إنسانية عميقة وكأنك حاضر في قلب الحدث. هذا ليس حلمًا بعيدًا، بل هو صحافة الواقع الافتراضي  (VR Journalism)، الثورة القادمة التي بدأت تلوح في الأفق الإعلامي المصري.

إن صحافة الواقع الافتراضي في مصر تمثل تحديًا وفرصة في آن واحد. وبينما لا تزال في مهدها، فإن تبنيها بشكل مدروس ومدعوم يمكن أن يفتح آفاقًا غير مسبوقة للإعلام المصري، ويقربه أكثر من جمهوره في عصر لم تعد فيه التجربة مجرد قراءة أو مشاهدة، بل معايشة حقيقية للخبر.

صحافة الواقع الافتراضي تمثل نقلة نوعية في طريقة عرض المحتوى وتفاعل الجمهور معه. وبينما بدأت هذه التجربة تشق طريقها عالميًا، فإن مصر بدأت بدورها تلتفت إلى إمكانات هذا الشكل الجديد من الصحافة، رغم التحديات الكبيرة التي تواجهها.

تعتمد صحافة الواقع الافتراضي على استخدام تقنيات الواقع الافتراضي لتقديم تقارير إخبارية أو قصص صحفية بطريقة تفاعلية وغامرة، بحيث يشعر القارئ أو المشاهد وكأنه داخل الحدث نفسه. وتستخدم هذه الصحافة صورًا بانورامية بزاوية 360 درجة، ونماذج ثلاثية الأبعاد، وأحيانًا محاكاة صوتية متقدمة لتوفير تجربة واقعية قدر الإمكان.

رغم أن صحافة الواقع الافتراضي لا تزال في مراحلها الأولى في مصر، إلا أن هناك مؤشرات على بداية اهتمام بعض المؤسسات الإعلامية والجامعات بها. فقد شهدت بعض كليات الإعلام محاولات أكاديمية لتعريف الطلاب بتقنيات VR الصحفية، ومحاولات من الجامعات الحكومية والخاصة المصرية لإنتاج مشاريع تخرج إعلامية وصحفية بتقنية الـ VR ،  كما بدأت منصات إعلامية مصرية صغيرة في اختبار إنتاج محتوى بتقنية 360 درجة، خاصة في تغطية الأحداث الميدانية أو تقديم محتوى سياحي وثقافي.

تواجه هذه التقنية عدة تحديات، أبرزها: قلة الإمكانيات التقنية: حيث تتطلب صحافة الواقع الافتراضي معدات تصوير متقدمة، وبرامج تحرير متخصصة، وخوادم قوية لبث المحتوى، وهو ما يمثل عبئًا ماديًا على المؤسسات الإعلامية. ضعف البنية التحتية الرقمية: لا يزال الإنترنت في مصر يعاني من مشكلات في السرعة والاستقرار، مما يعيق بث وتداول محتوى الواقع الافتراضي بشكل فعال. ونقص الكوادر المدربة: هذه التقنية تحتاج إلى صحفيين ومحررين يتمتعون بمهارات تقنية وفنية متقدمة، وهو ما يتطلب خططًا تدريبية طويلة الأمد. ومحدودية الوعي الجماهيري: لا يزال الجمهور المصري عمومًا غير معتاد على هذا النوع من الصحافة، ويحتاج إلى وقت لتقبله والتفاعل معه.

ظلت صحافة الواقع الافتراضي فرصة كبيرة لتطوير الإعلام المصري، خاصة في تغطية قضايا إنسانية واجتماعية معقدة، أو في تعزيز السياحة الرقمية من خلال جولات افتراضية في المواقع الأثرية. كما يمكن أن تكون أداة فعالة في التعليم والإعلام التوعوي، إذا تم الاستثمار فيها بالشكل الصحيح.

فيجب علينا توفير دعم حكومي وأكاديمي لتطوير البنية التحتية الرقمية وإطلاق برامج تدريب متخصصة، وتشجيع الشراكات مع المؤسسات الإعلامية الدولية التي تمتلك خبرة في هذا المجال. كما يجب علينا تحفيز الابتكار في الإعلام الرقمي من خلال مسابقات ومبادرات تستهدف طلاب الإعلام والمبدعين الشباب، ودعم إنتاج محتوى محلي يعكس الثقافة المصرية ويستخدم تقنيات الواقع الافتراضي بشكل إبداعي.

صحافة الواقع الافتراضي ليست مجرد صيحة عابرة، بل هي دعوة للمغامرة واقتحام المستقبل. هل أنت مستعد لخوض هذه التجربة وتكون جزءًا من هذه الثورة الإعلامية في مصر؟.

Leave a comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *