# Tags
#رياضة

رحلة الأمل.. من معسكرات حسام حسن وطولان بحثاً عن المجد الغائب

كتب: عبد الرحمن إبراهيم

تمثل الاستعدادات الجارية لمنتخبي مصر الأول والثاني حالة من التحدي والطموح في آن واحد، حيث تسعى الكرة المصرية لتحقيق إنجاز على جبهتين قاريتين مختلفتي الطبيعة والأهمية. يستعد المنتخب الأول بقيادة حسام حسن لخوض غمار منافسات كأس الأمم الأفريقية 2025 في المغرب، بينما يهيئ حلمي طولان منتخب مصر الثاني لخوض بطولة كأس العرب 2025 في قطر.

تمكن منتخب مصر الأول من تأمين تأهله المبكر إلى كأس الأمم الأفريقية 2025 بأداء قوي ومثالي في التصفيات، حيث قاد المدير الفني حسام حسن “الفراعنة” لتحقيق أربعة انتصارات متتالية في المجموعة الثالثة، رافعًا رصيده إلى 12 نقطة كاملة. وتُوج هذا المشوار الناجح بانتصار ثمين خارج أرضه على موريتانيا بهدف “نادر” وصعب سجله اللاعب إبراهيم عادل من مسافة بعيدة قبل منتصف الملعب في الدقيقة 86. هذا التأهل المبكر منح الجهاز الفني رفاهية التخطيط المبكر والمطول لمرحلة الاستعداد الحاسمة ما قبل البطولة.

في إطار الاستعدادات المكثفة، أقام المنتخب الأول معسكرًا مغلقًا في مدينة العين بالإمارات خلال فترة التوقف الدولي الحالية، والذي يستمر حتى 18 نوفمبر. ويشارك المنتخب في “كأس العين الدولية” المصغرة، التي تضم إلى جانبه منتخبات أوزبكستان وكاب فيردي وإيران. ويحظى هذا المعسكر بمتابعة مباشرة من وزير الشباب والرياضة أشرف صبحي ورئيس اتحاد الكرة هاني أبو ريدة للتأكد من جاهزية جميع الترتيبات.

ورغم الاستعدادات الجادة، إلا أن المنتخب الأول يواجه ثلاث أزمات كبرى قد تؤثر على مساره، انفجرت بشكل مفاجئ في أول معسكر بعد التأهل إلى كأس العالم 2026.

أولاً: أزمة الإصابات
سيطرت الإصابات على التشكيلة الأساسية للمنتخب، ما أدى إلى خروج ثلاثة من أهم نجومه من المعسكر قبل أن يبدأ، وهم محمود حسن تريزيجيه، والمحترف في نادي الجزيرة الإماراتي إبراهيم عادل، ولاعب وسط بيراميدز مهند لاشين، الذي يعد من العناصر التي بدأ المدير الفني يراهن عليها. ويرجع البعض سبب هذه الإصابات إلى تزامن المعسكر مع إقامة كأس السوبر المحلي، مما أثر على جاهزية اللاعبين.

ثانيًا: أزمة اختيار اللاعبين
واجه الجهاز الفني موجة انتقادات بسبب القائمة التي أعلن عنها، وتصدرت عدة اختيارات قائمة هذه الانتقادات. فقد أثير الجدل حول عدم ضم نجم الزمالك ناصر ماهر، وإهمال مدافع الأهلي الأساسي ياسر إبراهيم، وتجاهل بعض لاعبي وادي دجلة الذين يقدمون أداءً ومجهودات عالية. في المقابل، تعرض الجهاز الفني لانتقادات بسبب ضم لاعبين مثل خالد صبحي (مدافع المصري)، ومصطفى شوبير (حارس الأهلي الثاني) الذي لم يشارك مؤخرًا، ونبيل عماد دونجا (لاعب الزمالك) الذي يقدم مستوى متذبذب. وتشير هذه الانتقادات إلى وجود حالة من عدم الرضا الجماهيري حول بعض المعايير المتبعة في اختيار اللاعبين.

ثالثًا: أزمة برنامج المباريات الودية
برزت أزمة ثالثة تتمثل في الجدل المثار حول طبيعة المباريات الودية التي يخوضها المنتخب، حيث يواجه المنتخب أوزبكستان في “كأس العين” بدلاً من منافسين أفارقة. ويطرح محللون تساؤلات حول مدى فائدة هذه المواجهات الآسيوية في الاستعداد لبطولة قارية أفريقية، خاصة مع غياب الاحتكاك بمنتخبات أفريقية من الصف الأول مثل ساحل العاج والسنغال والجزائر والمغرب. وقد نفى إبراهيم حسن، مدير المنتخب، ما تردد عن طلب ودية مع المغرب، مؤكدًا أن رغبة حسام حسن كانت دومًا مواجهة منتخبات أفريقية قوية، وأن بعض العروض التسويقية هي التي لم تكتمل.

ولمواجهة هذه الإشكالية، يعمل الاتحاد على ترتيب مباراتين وديتين إضافيتين في ديسمبر القادم استعدادًا للبطولة، حيث تأكدت إقامة مباراة مع نيجيريا في 14 ديسمبر على استاد القاهرة، بينما يجري السعي لتأمين مواجهة ثانية مع منتخب من طراز مالي أو الكاميرون، استجابة لرغبة الجهاز الفني في مواجهة فرق قوية.

وقع منتخب مصر في المجموعة الثانية لبطولة كأس الأمم الأفريقية 2025، والتي تضم إلى جانبه كلًا من زيمبابوي وجنوب أفريقيا وأنجولا، ومن المقرر أن يخوض “الفراعنة” مبارياتهم في هذه المرحلة على ملعب أدرار بمدينة أكادير المغربية.

  • زيمبابوي: يُعتبر المنافس الأضعف نظريًا في المجموعة، لكن منتخبات الجنوب الأفريقي عادة ما تكون صعبة الاختراق وتتمتع بصلابة دفاعية.
  • جنوب أفريقيا: منافس تقليدي وخصم صعب، يتمتع بخط هجومي سريع وخصائص بدنية قوية.
  • أنجولا: فريق يحمل مفاجآت، ويمتلك لاعبين شبابًا موهوبين، وقد يكون الفاصل في صراع التأهل إلى الأدوار الإقصائية.

وبتحليل بسيط، يبدو أن القرعة كانت متوسطة المستوى لمصر، وفي وجهة نظري هذا يتيح لها فرصة كبيرة لاحتلال صدارة المجموعة، شرط تجاوز عقبة الفرق الأفريقية التي تعتمد على الكثافة البدنية والسرعة، وهو ما لم تتضمنه الاستعدادات الودية السابقة بشكل كافٍ.

منذ تولي حسام حسن المهمة لم نرَ منتخبنا قد واجه فرقًا من التصنيف الأول سوى في بطولة كأس عاصمة مصر الودية، عندما التقى منتخبنا الوطني مع نيوزيلندا وفاز عليه بهدف نظيف، ثم واجه كرواتيا وخسر برباعية. ولنكُن صريحين، منتخبنا منذ تولي حسام حسن لم يقدم مباريات فنية ممتازة حتى الآن، لكنه قدم مردودًا مقبولًا تمثل في التأهل إلى أمم أفريقيا 2025 وكأس العالم 2026. لذا، جميعنا نضع مباريات أمم أفريقيا القادمة بوصفها الاختبار الأول والحقيقي لحسام حسن.

من المتوقع أن يعتمد المنتخب المصري تحت قيادة حسام حسن على خطط مرنة تتناسب مع طبيعة كل منافس.
الهيكل الدفاعي: مع غياب ثنائي الصدارة المركزية في بعض المباريات بسبب الإصابات، سيكون اختبار بدائل مثل محمد عبد المنعم ورامي ربيعة أمرًا حتميًا. كما أن الأدوار الجانبية، خاصة الظهير الأيسر، ستظل نقطة جدل لوجود نقص في هذا المركز في مصر.
قلب الوسط: من المنتظر أن يعتمد على تشكيلة ثلاثية في وسط الملعب تجمع بين الخبرة، وفي الأغلب ستكون لثلاثي النادي الأهلي (مروان عطية، إمام عاشور حال انضمامه، وأحمد سيد زيزو)
خط الهجوم: سيدور كل شيء حول استغلال قدرات محمد صلاح القاتلة، مع البحث عن رأس حربة مثل مصطفى محمد أو أسامة فيصل، وتواجد عمر مرموش ومحمود تريزيجيه.

منتخب مصر الثاني ومهمة كأس العرب

يقود المدرب المخضرم حلمي طولان مهمة المنتخب المصري الثاني في بطولة كأس العرب 2025، ولا تقتصر مهمة طولان على تحقيق نتائج جيدة في البطولة أو اللقب فقط، بل تتعداها إلى هدف أعمق وأكثر استراتيجية، وهو بناء قاعدة احتياطية قوية للمنتخب الأول واكتشاف المواهب الجديدة التي يمكن أن تنتقل إليه في المستقبل. وأكد طولان بنفسه أن باب المنتخب سيظل مفتوحًا أمام جميع اللاعبين، مشيدًا بانضباط اللاعبين خلال المعسكرات.

كيف حضر طولان منتخب مصر الثاني استعدادًا لكأس العرب؟

  • معسكر مصر الأول: بدأ طولان معسكره في سبتمبر الماضي، حيث أقام معسكرًا في ستاد هيئة السويس وواجه منتخب تونس الثاني مرتين، استطاع الفوز في المباراتين؛ حيث حقق الفوز في الأولى بهدف نظيف، وفي الثانية بثلاثية دون رد.
  • معسكر المغرب: أقام المنتخب معسكرًا في المغرب خلال أكتوبر الماضي، وخاض خلاله مباراتين وديتين أمام المنتخب المغربي (9 أكتوبر الماضي) خسر خلالهما بهدفين نظيفين، وأمام منتخب البحرين (12 أكتوبر الماضي) حقق خلالها فوزًا كبيرًا برباعية دون رد.
  • وديات الجزائر: من المقرر أن يخوض المنتخب مباراتين وديتين أخريين أمام نظيره الجزائري يومي 14 و17 نوفمبر الحالي، ضمن برنامج الإعداد النهائي قبل السفر إلى قطر.

يهدف هذا البرنامج المكثف إلى منح اللاعبين فرصة الاحتكاك، وتجربة العناصر الجديدة، وتطبيق الخطط التكتيكية في ظروف شبيهة بالمنافسات الرسمية. ويلاحظ أن المنتخب يفتقد لبعض الأسماء بسبب الإصابات، أبرزها محمد النني، وحسين الشحات، ومحمود عبد الحفيظ “زلاكة”. كما شهدت القائمة بعض التعديلات الإدارية، حيث تم استدعاء الثلاثي رجب نبيل، وكريم الدبيس، وحسام حسن بدلًا من بعض لاعبي نادي بيراميدز الذين تم تأكيد غيابهم عن بطولة كأس العرب لرفض رابطة الأندية المصرية تأجيل مبارياتهم المؤجلة في الدوري الممتاز.

وقع المنتخب المصري الثاني في المجموعة الثالثة من بطولة كأس العرب 2025، والتي ستقام في قطر خلال الفترة من 1 إلى 18 ديسمبر 2025، وتضم مجموعته كلًا من الأردن والإمارات والفائز من الكويت وموريتانيا.

  • الأردن: يُعتبر منافسًا رئيسيًا، خاصة بعد تأهله التاريخي إلى كأس العالم 2026، ما منح لاعبيه ثقة كبيرة، كما يعترف نجمهم موسى التعمري.
  • الإمارات: فريق تقليدي يمتلك العديد من اللاعبين المميزين ودافعًا قويًا لتقديم نتائج جيدة في البطولة، خاصة بعد فشل التأهل لكأس العالم 2026.
  • الكويت وموريتانيا: منافسان يمكن تخطيهما، لكنهما قادران على إحداث مفاجآت إذا لم يكن المنتخب في كامل تركيزه.

تمثل بطولة كأس العرب 2025 للمنتخب المصري الثاني منصة متعددة الأهداف:

  • الهدف الرياضي المباشر: المنافسة على لقب البطولة، الذي يحمل قيمة معنوية كبيرة ويعيد أمجاد الكرة المصرية بعد غياب المنتخب الوطني عن منصات التتويج 15 عامًا.
  • الهدف الإستراتيجي طويل المدى: أن تكون هذه البطولة محكًا عمليًا لا يُقدّر بثمن للاعبين الذين لم يتح لهم الكثير من الفرص مع المنتخب الأول، فهي فرصتهم لإثبات جدارتهم أمام الجهاز الفني وكسب ثقة حسام حسن، وأي أداء متميز قد يفتح باب الانضمام إلى معسكر المنتخب الأول تحضيرًا لأمم أفريقيا أو كأس العالم.
  • الضغط الإيجابي على المنتخب الأول: وجود منتخب ثانٍ قوي ومتنافس يخلق حالة صحية من المنافسة الداخلية، ويضع لاعبي المنتخب الأول في حالة استنفار دائم، خشية فقدان مواقعهم لصالح نجوم صاعدين من المنتخب الثاني، خاصة وأن كأس العرب ستبدأ وتنتهي قبل انطلاق أمم أفريقيا بأيام قليلة.

يواجه المنتخبان تحديات متشابهة إلى حد كبير، أبرزها الإصابات التي يعاني منها كلا المنتخبين، وأيضًا ضغط الجماهير، حيث إن جماهير الكرة المصرية متعطشة للإنجازات، وضغطها على المنتخب الأول كبير جدًا، بينما قد يكون الضغط على المنتخب الثاني أقل نسبيًا، مما يمنح لاعبيه حرية أداء أكبر، لكنه في المقابل يحملهم مسؤولية إثبات أنهم قادرون على تحمل مسؤولية تمثيل مصر.

تمر الكرة المصرية بمرحلة فارقة في الأيام المقبلة، يحاول خلالها منتخباها الأول والثاني السير في مسارين متوازيين نحو المجد. يستعد المنتخب الأول لمعركة أفريقية شاقة تحيطها التحديات من إصابات وانتقادات ووديات غير ملائمة، لكنه يعول على قيادة حسام حسن الرحلة نحو اللقب الغالي.
وبالتوازي، ينطلق المنتخب الثاني في رحلة عربية بقيادة حلمي طولان، حاملاً على عاتقه أمل وثقة الشعب المصري في تلك البطولة، فالنجاح في المهمتين سيعيد الكرة المصرية إلى الواجهة القارية بقوة، بينما الفشل فيهما سيعيدها إلى نقطة الصفر مجددًا ويطرح كل الأسئلة القديمة حول الأزمات الهيكلية التي تحتاج إلى حلول جذرية. الجماهير المصرية تترقب، والأمل معقود على أن يثبت “الفراعنة” أن في عروقهم ما يكفي من عزيمة أسلافهم لكتابة فصل جديد مشرق في سجلات الكرة المصرية.

Leave a comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *