الجلسة العلمية الثانية للمؤتمر العلمي لإعلام الشروق تناقش دورالإعلام في تعزيز ثقافة حقوق الإنسان

كتب: محمد عبدالله
تصوير: سندس ياسر- يوسف صابر
ناقشت الجلسة العلمية الثانية ضمن فعاليات المؤتمر العلمي الثامن الذي نظمه المعهد الدولي العالي للإعلام بأكاديمية الشروق تحت شعار “الإعلام وبناء الإنسان “عددا من الأبحاث ضمن محور “الإعلام وتعزيز حقوق الإنسان ” .
قضية اللاجئين
قدمت أ.د/ فاطمة شعبان أبو الحسن- رئيس قسم الإذاعة والتليفزيون بالمعهد الدولي العالي للإعلام بالشروق – بحثا تحت عنوان “تمثيلات المعاناة الإنسانية للاجئين فى المواقع الإخبارية الدولية: دراسة حالة لبودكاست فصول على قناة الحرة” تناول قضية اللاجئين كأحد أكثر التحديات تعقيدًا، ليس فقط على المستويين السياسي والاقتصادي، بل أيضًا من حيث التمثيلات الإعلامية التي تسهم في تشكيل وعي الجمهور وتوجيه مواقفه تجاه هذه الفئة الهشة. مشيرةإلى أن الوسائط الرقمية ، وعلى رأسها البودكاست، تلعب دورًا متزايدًا في تقديم الخطاب الإنساني حول قضايا اللجوء، عبر استخدام أساليب سردية متنوعة وشهادات حية تعبّر عن تجارب اللاجئين بشكل مباشر.
وأضافت أن بودكاست يمثل “فصول” على قناة “الحرة” نموذجًا إعلاميًا متقدمًا في هذا المجال، إذ يقدم قصصًا واقعية عن اللجوء والمنفى والانتماء، بلغة سردية متقنة وبمستوى إنتاجي عالٍ. ومن هنا تنطلق الدراسة في بحث كيفية تمثيل المعاناة الإنسانية للاجئين في هذا البودكاست، من خلال تحليل الخطابات المستخدمة، وتقييم دور السارد، والوقوف على طبيعة المصادر، بالإضافة إلى تحليل بصري للصور المصاحبة للحلقات للكشف عن دلالاتها الرمزية ووظيفتها في دعم السرد الصوتي.
أظهرت النتائج أن بودكاست “فصول” لا يكتفي بعرض قصص اللاجئين، بل يسعى لبناء وعي عام داعم لهم، عبر التركيز على إنسانيتهم وفاعليتهم، وتقديم خطاب إعلامي يُعزز من التعاطف والتفاهم المجتمعي. فالحلقات لا تكرس صورة اللاجئ كضحية، بل تُبرز مقاومته وإنجازه وتكيفه، من خلال أساليب سرد تدمج بين العاطفة والتحليل، وتعتمد على أصوات اللاجئين أنفسهم، وعلى مداخلات لخبراء ومواد أرشيفية متنوعة.
وأوصت الدراسة بضرورة تبني وسائل الإعلام لخطاب إنساني إيجابي، يُعيد تقديم اللاجئ كشخص فاعل لا كضحية. كما تُشدد على أهمية التمثيلات الفردية، والاستثمار في الوسائط السردية الرقمية، مع ضرورة دمج قضايا اللجوء ضمن الخطاب الإعلامي العام، وتوفير تدريب متخصص للصحفيين في تغطية هذه القضايا من منظور أخلاقي وإنساني.
إستراتيجية إعلامية
قدم أ.د/ رامي عطا صديق، م.م/ نرمين نجيب، ومجموعة من طلاب قسم الصحافة بالمعهد الدولي العالى للإعلام بالشروق
بحثا تحت عنوان “اتجاهات الإعلاميين والأكاديميين نحو دور الإعلام المصري في بناء الإنسان مع مقترح إستراتيجية إعلامية” رصد البحث اتجاهات الإعلاميين والأكاديميين نحو دور الإعلام المصري في بناء الإنسان، حيث يُمثل الإعلام، بوسائله التقليدية والجديدة على السواء، أحد أبرز مؤسسات التنشئة الاجتماعية، المسؤولة بدورها عن تشكيل منظومة القيم السائدة والحاكمة في المجتمع، بالتعاون مع بقية مؤسسات المجتمع، ومنها مؤسسة الأسرة والمؤسسات الدينية والثقافية والتعليمية والفنية والتشريعية، ومنظمات المجتمع المدني.
وقد استفادت الدراسة من الطرح النظري الخاص بنظرية “المسؤولية الاجتماعية”، وكذلك نظرية “الغرس أو الإنماء الثقافي”، واستخدمت منهج المسح الإعلامي، بالإضافة إلى الأسلوب المقارن، واعتمدت على أداتي الاستبانة والمقابلات الشخصية المتعمقة.
كشفت الدراسة عن اتفاق الإعلاميين والأكاديميين حول مجموعة من الوظائف والأدوار التي يقوم بها الإعلام، مثل الإخبار والتثقيف والتوعية والتنوير، والمشاركة في مكافحة الشائعات والأخبار الزائفة، ومن جانب آخر دعم السلوكيات الإيجابية وتعزيز القيم الاجتماعية والمبادئ الأخلاقية، الإنسانية والسامية، والمشاركة في عملية التنمية المستدامة التي تقوم بها مختلف مؤسسات الدولة، بالإضافة إلى دور الإعلام في إثراء المناقشة وإدارة الحوار حول مختلف قضايا المجتمع.
واقترحت الدراسة إستراتيجية إعلامية تختص بدور الإعلام المصري في بناء الإنسان في مختلف المجالات والنواحي، السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، من خلال ممارسات صحفية وإعلامية مناسبة، وتقديم محتوى هادف وموضوعي، يعزز القيم الإنسانية والسلوكيات الإيجابية، ويحفز التفكير النقدي والإبداعي، ويُنمي روح المواطنة والانتماء للوطن لدى المواطنين، ويواجه الشائعات والأخبار المُضللة، ويُسهم بنصيبه في نشر المعرفة وبناء الوعي وترسيخ الهوية..، في ظل الكثير من التحديات التي يواجهها الإعلام في الوقت الراهن.
صفحات المؤثرين
وقدمت الدكتورة شيماء الفولي – المدرس بقسم العلاقات العامة والإعلان بالمعهد الدولي العالي للإعلام -أكاديمية الشروق بحثا تحت عنوان دور صفحات المؤثرين في تنمية الهوية الثقافية لدي جيل z” تناول البحث الدور الذي تلعبه صفحات المؤثرين على منصات التواصل الاجتماعي في تشكيل وتنمية الهوية الثقافية لدى جيل Z، وهو الجيل الذي نشأ في بيئة رقمية ويُعد الأكثر تفاعلًا مع الوسائط الحديثة، يهدف البحث إلى تحليل طبيعة العلاقة بين الاستخدام اليومي المكثف لتلك المنصات، ونوعية المحتوى الثقافي المعروض، ومدى تأثيره في تعزيز أو إضعاف شعور الانتماء الثقافي، سواء على مستوى الهوية الوطنية أو في إطار الهوية العابرة للثقافات، وذلك في ظل تصاعد دور الإعلام الرقمي في نقل وتشكيل القيم والرموز والتصورات الثقافية.
واعتمدت الدراسة على منهج المسح الذي يسمح بفهم أعمق لطبيعة تفاعل جيل Z مع المحتوى الثقافي الرقمي، من خلال تحليل المظاهر السلوكية المرتبطة بالاستخدام اليومي للتطبيقات الاجتماعية، وربطها بالمؤشرات الثقافية والمعرفية. وستعتمد الدراسة كذلك على إجراء مقابلات متعمقة مع مجموعة من المؤثرين الفاعلين في مجال صناعة المحتوى الثقافي على وسائل التواصل الاجتماعي، بهدف رصد رؤياهم وتجاربهم حول طبيعة المحتوى الذي يقدمونه وتأثيره المحتمل على متابعيهم من جيل Zكما تستند إلى بيانات مبدئية من مراجعة دراسات سابقة تناولت أنماط استخدام هذه الفئة العمرية لمنصات مثل تيك توك وإنستجرام وسناب شات، حيث ركزت العينة على الشباب بين منتصف التسعينيات ومنتصف العقد الثاني من الألفية الثالثة، بوصفهم الفئة الأكثر استهلاكًا وتفاعلًا مع الإعلام الرقمي.
وقد أظهرت النتائج عدة دلالات مهمة، من أبرزها أن متوسط استخدام أفراد جيل Z لتطبيقات التواصل يتراوح بين ثلاث إلى أربع ساعات يوميًا، مع سيطرة المحتوى الترفيهي والثقافي الشعبي العالمي – مثل التريندات، الأغاني، الكوميكس، والموضة – على اهتمامات المستخدمين وهذا النوع من المحتوى يسهم في تشكيل تصور هجين للهوية الثقافية، حيث يدمج الشباب بين القيم المحلية والأنماط العالمية، مما يؤدي في بعض الحالات إلى ضعف الارتباط بالرموز الثقافية التقليدية وفي المقابل، تبين أن هذه المنصات تُستخدم أيضًا كوسائط لإعادة تأكيد الهوية المحلية، خاصة من خلال المشاركة في الحملات الوطنية والمناسبات القومية والدينية كما رصدت الدراسة فروقًا ملحوظة في طبيعة التفاعل بين الذكور والإناث، حيث تميل الإناث إلى التفاعل مع المحتوى العاطفي والاجتماعي، في حين ينجذب الذكور نحو المحتوى الترفيهي والسياسي. وأظهرت النتائج أيضًا تباينًا في درجة الانتماء الثقافي تبعًا للمنصة المستخدمة؛ حيث عبّر مستخدمو إنستجرام وتويتر عن انتماء ثقافي أقوى مقارنة بمستخدمي تيك توك وسناب شات.
الفيديوهات القصيرة
وقدمت ميار إيهاب -المدرس المساعد بقسم الإذاعة والتليفزيون بالمعهد الدولي العالي للإعلام بالشروق- بحثا تحت عنوان “دور الفيديوهات القصيرة عبر مواقع التواصل الاجتماعي في تشكيل منظومة القيم الاجتماعية لدى المراهقين دراسة تحليلية من المستوى الثاني” Meta-Analysis. أشار إلى أن وسائل التواصل الاجتماعي قد شهدت تطورًا كبيرًا، وبرزت مقاطع الفيديوهات القصيرة كواحدة من أكثر أشكال المحتوى انتشارًا وجذبًا للمراهقين. فقد أصبحت منصات مثل TikTok وInstagram Reels وYouTube Shorts جزءًا أساسيًا من الحياة اليومية لجيل الشباب، حيث يقضون ساعات عدة في مشاهدة ومشاركة هذا النوع من الفيديوهات بشكل يومي.
أضافت أن هذه الفيديوهات القصيرة تتميز بسهولة إنتاج المحتوى وسرعة الانتشار، بجانب قدرتها الكبيرة على التأثير السريع في الجمهور، وذلك اعتمادا على الرسائل المختصرة والمشاهد الجذابة وطريقة العرض الشيق، ومع تزايد تفاعل المستخدمين معها برزت تساؤلات حول مدى تأثيرها في تشكيل منظومة القيم الاجتماعية لديهم، سواء من حيث تعزيز القيم الإيجابية أو نشر قيم وعادات سلبية خاصة بين فئة المراهقين.
أوضحت أن الدراسة الحالية تسعى إلى تقديم مراجعة تحليلية (Meta-Analysis) من المستوى الثاني للأبحاث والدراسات السابقة التي تناولت هذا الموضوع خلال عام 2021، وذلك بهدف رصد الاتجاهات العامة والكشف عن طبيعة العلاقة بين مشاهدة الفيديوهات القصيرة وتشكيل القيم الاجتماعية لدى المراهقين. كما تسعى الدراسة إلى إبراز الفجوات البحثية واقتراح توصيات عملية لصناع القرار وأولياء الأمور والمؤسسات التربوية، بما يسهم في توجيه استخدام هذه المنصات نحو تعزيز منظومة القيم الإيجابية في المجتمع.
تولى رئاسة اللجنة أ.د/ ثريا البدوي (عميد كلية الإعلام جامعة القاهرة وعقب عليها أ.د/ وسام نصر (وكيل كلية الإعلام جامعة القاهرة لشئون الدراسات العليا ) وتولى مقرر الجلسة: أ.م.د/ هند يحيى (الأستاذ المساعد بقسم الصحافة أكاديمية الشروق).