د. جودة محمد غانم: يؤكد على أهمية التعليم التطبيقي في بناء مستقبل واعد

كتب- محمد منصور:
يُسعدني أن أتقدم لبناتي وأبنائي خريجي معاهد أكاديمية الشروق، بخالص التهاني القلبية، وخالص تمنياتي بالتوفيق فيما هو قادم.
فالتخرج لحظةٌ من لحظاتِ العمر الزاهية، يأتي تتويجًا لجُهدٍ دؤوبٍ، وعطاءٍ مُتصلٍ؛ وإعلانٌ لبداية مرحلة أخرى من العمل، يُظهر فيها الخريج قدراته التي اكتسبها خلال مرحلة الدراسة الهامة من حياته، مُسهمًا في بناء وطنه وأمته، هذه المرحلة يحتاج فيها الفرد بجانب ثقافته العلمية، أن يشحذ همته لتطبيق ما اكتسبه، لأن التعليم التطبيقي -وهو ما قد اهتممنا به في معاهد الأكاديمية- يُعد أحد أهم ركائز النظام التعليمي الحديث؛ حيث يُساهم في نقل المعرفة النظرية إلى واقعٍ عمليٍ ملموسٍ، مما يُساعد الطلاب والخريجين على تحقيق فهمٍ أعمق للمفاهيم التي يتعلمونها في الفصولِ الدراسيةِ، ويتميز هذا النوع من التعليم، بقدرته على تحسين مهارات الطلاب والخريجين العملية، وتجهيزهم لمتطلبات سوق العمل، فقد أدركنا في معاهد أكاديمية الشروق أهمية الجمع بين العملية التعليمية وسوق العمل؛ ولذلك عملنا على إنشاء شراكاتٍ بيننا وبين مؤسساتِ الأعمالِ، وهذه الشراكات تهدف إلى توفير فرص تدريب عملية للطلاب داخل الشركات، مما يُمكنهم من اكتساب خبرةٍ عمليةٍ قيمةٍ أثناء دراستهم، بالإضافة إلى ذلك؛ تُسهم هذه الشراكات في تطوير المناهج التعليمية، بما يتوافق مع مُتطلبات سوق العمل، وتحقيقًا لتطبيق الاستراتيجية الوطنية للتعليم العالي والبحث العلمي طبقًا لرؤية مصر 2030.
وكان من الضروري إنشاء رابطةٍ لخريجي أكاديمية الشروق؛ لتكون حلقة الوصل بين الأكاديمية وخريجيها، ومن أهدافها إثراء التعاون بين الخريجين ومكتب دعم الابتكار ونقل وتسويق التكنولوجيا (TICO)، ونادي ريادة الأعمال التابع لأكاديمية الشروق، والمُعتمد من أكاديمية البحث العلمي، وجهاز تنمية المشروعات المُتوسطة والصغيرة ومُتناهية الصغر، بالإضافة إلى إقامة الندوات التدريبية، والعلمية، والدينية، والثقافية، وإقامة اللقاء السنوي للخريجين، وإقامة المُلتقى التوظيفي السنوي للخريجين، ومُساعدتهم في الحصول على الدراسات العليا، إلى غير ذلك من المهام التي تستهدف بالمقام الأول المُساهمة في صناعة جيلٍ من الخريجين قادرٍ على اكتساب القدرة على استيعاب التطورات العالمية المُتلاحقة، بفكرٍ يتميز بالفاعلية في مواجهة تحديات الواقع، وذلك من أجل تقدم هذه الأمة.
فنحن لا يُمكننا أن نُحدث التغيير المرجو، إذ لم نتزود بأدواتِ التغيير والتقدم، أي بـ “العلم، والبحث، والتفكير”، هذه الأدوات المعرفية، هي حجر الزاوية، وهي الأساس في بناء قاعدةٍ مُجتمعيةٍ مُتعافيةٍ، عن طريق اكتساب المهارات الأساسية الضرورية، فالتكنولوجيا والعلوم الحديثة، هم من أكثر المجالاتٍ طلبًا اليوم؛ لمواكبة المسيرة الحضارية المُعاصرة.
فإن مُعظم أوصاف الوظائف اليوم تشمل بعض المهارات اللينة، إذا لم يتم ذكرها بشكلٍ صريحٍ، فهي ضمنيةٌ في سياق الوصف الوظيفي، وفي السنواتِ المُقبلةِ ستُزيل بعض التقنيات الجديدة والناشئة؛ مثل: الذكاء الاصطناعي، بعض الوظائف؛ ومع ذلك، فإن هذا سيخلق طلبًا كبيرًا على المهارات الجديدة، والمهارات اللينة، وتُسمى أيضًا المهارات الشخصية، وستجلب الثورة الصناعية الرابعة كل أنواعِ التغيير، بسرعةٍ وحجمٍ وقوةٍ، فالتغيير سوف يؤثر على كل صناعة.
كما أحدثت الثورات الصناعية السابقة تغيرًا هائلًا في الصناعاتٍ والمُجتمع والعمال، واختفت بعض الوظائف في ذلك الوقت، وظهرت وظائفٌ أخرى أيضًا، مثلما يحدث مع الثورة الصناعية الرابعة، فالشركات التي تُقاوم التغيير ستتوقف عن الوجود، وسيتم تحويل نماذج الأعمال الجديدة في كل صناعة، كجزءٍ من التحول الرقمي بأكمله.
وأخيرًا وليس آخرًا، إني لأدعو جميع أبنائي الخريجين أن يضعوا ذلك نـَصب أعينهم، ويترجموه إلى واقعٍ مشهودٍ، يُحقـق لهم ولأسرهم بعون الله ما يسعون إليه من نماءٍ، وللوطن العزيز ما يستحقه منا جميعًا من استدامة للتطوّر والازدهار، فأنتم من أهم أدوات النهضة المُنشودة.