إعداد: حبيبه محمد عبدالمعطي، اسراء احمد عبدالعظيم، تقي محمد إبراهيم

بعد التخرج، يعتقد كثير من الشباب أن باب الحياة العملية سيفتح لهم على مصراعيه، لكن الواقع يكون مختلفًا أحيانًا، فبدلًا من الإنطلاق نحو الأحلام، يجد البعض أنفسهم في عزلة تامة، تائهين بين الحنين لأيام الجامعة والخوف من الغد المجهول.

فراغ بعد الزحام

سنوات من الدراسة، الزملاء، المشاريع، والأنشطة.. ثم فجأة صمت كامل، لا محاضرات، لا جدول يومي، ولا هدف واضح. هكذا وصفت مي خالد، خريجة كلية الإعلام، شعورها بعد التخرج قائلة: “كنت متعودة أصحى كل يوم عندي هدف أو حاجة أعملها.. فجأة كل ده اختفى، وبقيت مش عارفة أبدأ منين.”

ظاهرة تتسع بين الشباب

يؤكد د. أحمد فوزي، أخصائي علم النفس الاجتماعي، أن ما يُعرف بـ “صدمة ما بعد الجامعة” أصبح حالة منتشرة: “كثير من الشباب بيحسوا بفراغ وعدم انتماء بعد التخرج، خصوصًا مع قلة فرص العمل وضبابية المستقبل.”
ويضيف أن المقارنة المستمرة على وسائل التواصل تجعل الشباب يشعرون بأنهم متأخرون عن الآخرين، مما يزيد إحساسهم بالإحباط والعزلة.

وتشير إحصاءات غير رسمية إلى أن نسبة كبيرة من الشباب المصريين يعانون من الاكتئاب أو فقدان الدافع خلال العام الأول بعد التخرج، خصوصًا وسط التحديات الاقتصادية والضغوط الأسرية.

تجارب من الواقع

أما رانيا عبد العزيز، خريجة كلية تجارة، فتروي تجربتها قائلة: “بدأت أقعد في البيت كتير، كنت حاسة إني ماليش لازمة، ومع الوقت بطلت أرد على الناس أو أخرج.”

طريق الخروج من العزلة

يؤكد خبراء التنمية البشرية أن الحل يبدأ من تنظيم الوقت وتحديد أهداف صغيرة يمكن تحقيقها، والانخراط في أنشطة تطوعية أو تدريبية تُعيد الثقة بالنفس وتكسر دائرة العزلة.
ويقدم الأخصائيون النفسيون عدة توصيات أهمها:

• المشاركة في أنشطة مجتمعية لإعادة الشعور بالانتماء.
• تحديد أهداف بسيطة بدل انتظار الفرص الكبيرة.
• الابتعاد عن المقارنة عبر السوشيال ميديا.
• طلب الدعم النفسي عند الحاجة.
• دعم الأسرة ومساندتها لأبنائها خلال هذه المرحلة الحساسة.

جيل يبحث عن ذاته

وفي النهاية، تظل “العزلة بعد التخرج” واحدة من أبرز القضايا التي تواجه شباب اليوم، جيل يقف بين ضياع الشغف وضبابية المستقبل، لكنه ما زال يبحث عن طريق يعيده إلى الحياة بثقة وأمل جديد.