التفاؤل و المستقبل

بقلم: سامي محمد المرسي
التفاؤل كلمة مليئة بروح القوة والعزيمة والصفاء، نحتاجها في عالمنا اليوم، على الرغم من بعض المطبات التي تعترض حياتنا لكن يبقى التفاؤل يحمل البهجة والنزوع إلى رؤية الجانب المشرق من الأشياء الموجودة حولنا، وعن طريق تعزيز الأمل في الغد، وغلبة النور على الظلمة.
إذا نظرنا إلى التاريخ البشري يمكننا أن نرى غلبة كفة التفاؤل على كفة التشاؤم، على الرغم من كل الحروب والكوارث الطبيعية. وندلل على ذلك بما يجري من التطور الحضاري الملموس في ارتقاء الإنسان المتجدد، وذلك في مجالات عديدة، منها التطور التكنولوجي، ودور الصحة في القضاء على الكثير من الأمراض التاريخية، وفي طول معدل الأعمار، بالإضافة إلى تطور الثقافة والنهضة العلمية في مختلف المجالات.
إذن التفاؤل مفهوم ضروري لتكوين الأهداف التي تتعلق بحياتنا. وعلينا ألا نتخلى عن التفكير الإيجابي الذي يقود إلى التفاؤل، الذي يعد من أهم الكنوز الفكرية التي يحتاجها الإنسان في حياته اليومية. وأما الفكر السلبي فهو فكر هدام ومُدمّر ولذلك على الإنسان أن يقصيه بعيدًا عنه، وأن يحاول أن يكون إيجابيا في نظرته للحياة وللأمور على الرغم من الصعوبات واستحالة ذلك في بعض الأحيان. وهذه حقيقة دينية وعلمية لا شك فيها، لأن العلم والدين كلاهما يدعوان إلى التفاؤل والسعادة. ولا يمكننا أن ننكر بأن الإنسان يواجه فترات صعبة جدا في حياته. فالإنسان المتفائل يوجهها، ويتغلب عليها بروح ايجابية بناءة. وإذا فشل في مواجهتها فإنه يعتبر ذلك بداية لمرحلة جديدة من الصراع من أجل النجاح والتقدم. ولكن الإنسان المتشائم يتعامل مع الأمور على العكس من ذلك، فهو يقبل بالفشل الذي يُنزل به إلى أسفل الدركات في جميع النواحي الاجتماعية والنفسية والاقتصادية. ويستنتج في النهاية بأن الحياة نفسها هي شقاء وعذاب وآلم، ولا تستحق التضحية من أجلها.
وجدير بالإشارة أنه ليس هناك فرق بين التفاؤل والتشاؤم في التجارب الحياتية فقط بل في كيفية الاستجابة للأشياء وكيفية إدراكها. فعندما يمر شخص متفائل في وضع حرج مثلا، فهو يفترض مسبقا بأن الحياة سوف تتحسن. وبينما المتشائم يعتقد بأن الحياة، صعبة ومؤلمة، وسوف تبقى كذلك. وتترك الحالتين بصماتها العميقة على الناس وعلى صحتهم ومستقبلهم. ولا غرابة في أننا نجد في واقع الحياة اليومية بأن الأشخاص المتفائلون يعيشون بصحة أحسن من الاشخاص المتشائمين. إذ يُعمّر المتفائلون عادة أكثر من المتشائمين. فالمتفائلون يتحررون من المعوّقات والتقاليد الاجتماعية التي تؤخر ولكن المتشائمون يبقون متخبطين في واقعهم السلبي، ويندبون حظهم العاثر.
وتجدر بالإشارة على أن متعة الحياة تكمن في التجديد والتحديث النابع من دواخل البشر، وفي جعل النفس في مناي عن صعوبات الحياة.
ولذلك لا بد إذن من ممارسة هذه العقلية التفاؤلية في الحياة اليومية والنظر إليها نظرة إيجابية كأن نقول لأنفسنا: (شكرا لله على الصباح الجديد الذي ننتظره بفارغ الصبر)، ويؤثر هذا التعبير على نشاطنا ومشاعرنا، ويجعلنا مستعدين للعمل والبناء بدلا من لعن اليوم الجديد، فالإنسان المتفائل قد يقع في بعض المشاكل بسبب حسن نيته وثقته المُفرطة بنفسه أو بغيره، إذ يجب على المرء أن يكون حكيما حتى لا يورط نفسه في مشاكل مستعصية ومع ذلك فالتفاؤل أمر حسن ومحمود، إذ يساعد الناس على النجاح، ويعينهم على التركيز في المستقبل، ويسهل لهم الأمور، مهما كانت صعبة ومستحيلة. فهو طريق مضمون للحصول على السعادة الحقيقية، التي تدعونا الى تحقيقها بالطرق الصحيحة وغير الملتوية.