# Tags
#منوعات

أخطاء ماكليلان.. محطات فارقة في تاريخ أمريكا العسكري

 

كتب:عبدالرحمن ابراهيم

في ربيع عام 1861، دخلت الولايات المتحدة واحدة من أحلك مراحل تاريخها، مع اندلاع الحرب الأهلية الأمريكية التي استمرت أكثر من أربع سنوات، وحصدت أرواح أكثر من 600 ألف شخص، لتصبح الأكثر دموية في تاريخ البلاد.

وخلال هذه الحرب التي انتهت بانتصار قوات الاتحاد، لمع اسم عدد من القادة العسكريين بفضل براعتهم الاستراتيجية، فيما دخل آخرون التاريخ بأخطائهم التي كادت تغيّر مسار الحرب بأكمله. من أبرز هؤلاء جورج بي. ماكليلان، الذي اشتهر بتردده المفرط رغم مكانته الرفيعة.

وُلد ماكليلان عام 1826 في فيلادلفيا بولاية بنسلفانيا، وتلقى تعليمه العسكري في أكاديمية ويست بوينت العسكرية، حيث تخرج عام 1846. شارك في الحرب الأمريكية المكسيكية، وبرز بفضل دقته في التنظيم، ما ساعده على الترقية السريعة داخل الجيش. لاحقًا، أُرسل إلى أوروبا لمتابعة الدراسات العسكرية، وشارك كمراقب في حرب القرم، حيث تابع عن قرب تكتيكات الجيوش الأوروبية.

ومع اندلاع الحرب الأهلية، عُيّن ماكليلان جنرالاً في جيش الاتحاد، وتولى قيادة جيش بوتوماك، القوة الرئيسية للشمال. وخلال أشهر قليلة، أعاد تنظيم الجيش ورفع مستوى انضباطه وتسليحه، ليُكلّف في نوفمبر 1861 بقيادة الجيش الأميركي بأكمله.

لكن ماكليلان، رغم كفاءته في التنظيم، كان مفرط الحذر ومترددًا في خوض المعارك، كما اعتاد المبالغة في تقدير حجم العدو. ففي حملة شبه الجزيرة عام 1862، حاول السيطرة على ريتشموند عاصمة الجنوب، لكنه أضاع وقتاً ثميناً بسبب تردده، ما منح روبرت إي. لي فرصة إعادة تنظيم قواته وإفشال الهجوم. وخلال معركة الأيام السبعة، انسحب تاركاً جزءًا من قواته، مبرراً قراره بخشيته من تطويق جيشه بالكامل.

وفي معركة أنتيتام في سبتمبر 1862، وهي الأعنف في الحرب، حقق ماكليلان انتصاراً مهماً وأوقف غزو الجنوب للشمال، لكنه لم يستغل الفرصة لملاحقة قوات لي المنهكة، مفضلاً الانتظار كالعادة، وهو ما سمح للجنرال الجنوبي بالفرار وإعادة تنظيم صفوفه.

هذه القرارات أثارت استياء أبراهام لينكون، الذي فقد ثقته به، ليقرر في مارس 1862 إعفاءه من قيادة الجيش، ثم إنهاء خدمته نهائياً بعد معركة أنتيتام.

لاحقاً، حاول ماكليلان العودة إلى الواجهة بخوض الانتخابات الرئاسية الأمريكية 1864 ممثلاً للحزب الديمقراطي، لكنه خسر أمام لينكون هزيمة قاسية، قبل أن يبتعد تدريجياً عن الساحة السياسية والعسكرية، تاركاً وراءه إرثاً معقداً من التنظيم العسكري المتميز والتردد القاتل.

Leave a comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *