#مقالات رأى

الجيل Z و المواطنة الرقمية بين العزلة والإندماج

بقلم: ا.د .إلهام يونس

الجيل Z هو الاسم الذي يطلقه العديد من الباحثين الديموغرافيين على الجيل الحالي من الشباب. ووفقا لمركز بيو للأبحاث، يتكون الجيل Z من الأشخاص الذين ولدوا بين عامي ۱۹۹۷ و۲۰۱۲. يبلغ عمر أكبرهم سنا 27 عاما، والعديد منهم الآن أكملوا دراستهم الجامعية.

وقد أطلق برينسكي Prensky  مصطلح المواطنين الرقميينDigital Natives على هذا الجيل حيث إنه على اتصال دائم بالأجهزة الرقمية بهدف ممارسة أنشطة مختلفة سواء اجتماعية أو ترفيهية أو للبحث عن المعلومات أو التسوق، ولذلك يشكل الإنترنت ركناً أساسياً في علاقة جيل Z بالعالم من حوله، ويسمى جيل Z بالعديد من الأسماء مثل (Post Millennial Gen, Gen Wii ,Next Gen ,Gen .Internet. ,  Gen of Multitasking (نتيجة قيامه بالعديد من المهام في وقت واحد.

حيث يعتبر أفراد الجيل Z روادًا رقميين حيث أن من أهم سماته الاستخدام الفطري للتكنولوجيا،هم الذين شهدوا انفجار التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي، ولد الجيلz  في عالم من ذروة الابتكار التكنولوجي – حيث يمكن الوصول إلى المعلومات على الفور وانتشرت وسائل التواصل الاجتماعي في كل مكان بشكل متزايد. يتمتع هذا الجيل بإيجابيات التكنولوجية بشكل كبير والتى تمثلت فى  وفرة  البيانات والمعلومات فى شتى المجالات؛ الجيل Z عملي ويتميز بعقلية مالية.أفراد الجيل Z مستهلكين أذكياء ، يعكس سلوك الجيل Z قيمه – وتأثير العالم الرقمي المتزايد عليه. يمكن لأفراد الجيل Z الاعتماد على شبكات التواصل الاجتماعي الواسعة فى اتخاذ كافة القرارات ويتميزون بالدهاء التكنولوجي لاتخاذ قرارات شراء مستنيرة، تقودهم خصائصهم الرقمية  إلى استكشاف وتقييم مجموعة من الخيارات قبل الاستقرار على منتج. بالإضافة إلى ذلك يتأثروا بتوصيات المستخدمين الرقميين أكثر من الواقعيين ؛ في حين أن الجيل Z يشبه إلى حد كبير جيل الألفية في العديد من القضايا الرئيسية، إلا أنهم يمثلون الجيل الأكثر تقدمية سياسية حتى الآن؛ يتقبل جيل Zالأفكار الجديدة التي تظهر، حيث يتمتع أفراده بالمرونة في التعامل مع التغيرات الجديدة، وينظرون إلى الوظيفة والعمل على أنها الغاية والوسيلة المثالية لتحقيق المال، لذا يقومون برفض الوظيفة التي لا تلبي أهدافهم المالية وتطلعاتهم المستقبلية. يفضل الجيل Z الهاتف الذكي على العائلة والتجمعات، فهو بمثابة صديق مهم لا يمكن مفارقته. الأفراد في جيل Z على قدر كبير من التجانس والاتفاق، يوجد بينهم العديد من الأمور المشتركة فيما يخص التصرفات والأفكار.

بالإضافة إلى ذلك يتميز هذا الجيل بعدم وجود مسافة لديه بين العالم الواقعي والافتراضي حيث يستطيع أن ينتقل بينهما بسهولة وهوما يمثل تحولاً في سلوكه كمستهلك أيضاً، وفيما يتعلق بالتسوق الرقمي فإن جيل Z يتسم بالتركيز على الابتكار والسهولة والراحة في تجارب التسوق المقدمة له، ونتيجة براعته التقنية فإنه يفضل الأدوات الرقمية التي تتضمن الدفع واختيار كيفية التوصيل إلكترونياً، كما تتوفر لديه خبرة جيدة في البحث والتسوق عبر الإنترنت، ويلاحظ أن ذروة الانتباه لديه تعد قصيرة للغاية حيث تصل إلى ثماني ثوان لذلك يميل إلى استخدام التطبيقات التي تقدم إعلانات أو مقاطع فيديو قصيرة جداً، وهو ما يمثل تحدياً للمسوق الإلكتروني في كيفية جذب هذا الجيل والحفاظ على انتباهه

الجيل Z هو أيضا الجيل الأكثر تنوعاً عرقياً والأكثر تقدماً من الناحية التكنولوجية ولذلك فهو جيل يعيش المفهوم الاوسع للمواطنة الرقمية حيث يقبل الأخر ويندمج معه ويتفاعل مع ثقافاته فيزداد انفتاحا . يتمتع الجيل Z بأساليب تواصل غير رسمية وشخصية ومباشرة، . إنهم الجيل الذي يفعل كل شيء بنفسه. في الاستطلاعات التي أُجريت، تبين ميل الجيل Z إلى أن يكون أكثر ريادية وتسامحًا . وهم أكثر واقعية بشأن توقعات عملهم ومتفائلين بشأن المستقبل.

ويعانى هذا الجيل من  سلبيات التكنولوجية حيث قضاء وقتا طويلا امام الشاشات مما يؤدى  إلى  تفاقم الشعور بالعزلة و تدني المهارات الاجتماعية. بالاضافة إلى  العديد من تحديات الصحة النفسية والعقلية بسبب الساعات اللامتناهية التي يقضونها على الإنترنت يمكن أن تعزز مشاعر العزلة والاكتئاب. قضاء المزيد من الوقت على الهواتف الذكية أو مشاهدة Netflix يعني قضاء وقت أقل في تكوين علاقات هادفة. بالإضافة إلى ذلك، يقع العديد من الشباب فريسة “المقارنة واليأس” التي تقدمها وسائل التواصل الاجتماعي، وكذلك زيادة الوزن والإبتعاد عن الأنشطة الحركية .

وتعد تحديات الصحة العقلية من السمات المحزنة للجيل Z، والتى أشارت إليها العديد من الدراسات النفسية ويعيش  أفراد الجيل Zأيضا حالات من الضعف النفسى والإكتئاب والشعور بالنبذ المجتمعى مما يؤكد أن صحتهم العقلية تتأثر بالحالة المضطربة في العالم بالاضافة إلى الإندماج المتزايد مع العالم الإفتراضى. مع تزايد النشاط السياسي بين أبناء هذا الجيل ، استوعب العديد من أفراد الجيل Z الاضطرابات المحيطة بالعديد من القضايا فهم أصحاب مبادرة مقاطعة السلع التى تمول الكيان الصهيونى وأعتقد انهم نجحوا فى استخدام أدواتهم لتحقيق هدف قومى محترم  .

الجيل Z غير صبور وسريع البديهة ويفتقر إلى طموح الأجيال السابقة، ويعتمد بشكل كبير على التكنولوجيا ويعاني من اضطراب نقص الانتباه ..الجيل Z يريد أن يُسمع صوته بغض النظر عن صغر سنه وتعد التكنولوجيا جزءًا من هويتهم و يتمتعون بالذكاء التكنولوجي ولكنهم يفتقرون إلى مهارات حل المشكلات ولم يظهروا القدرة على النظر إلى الموقف ووضعه في السياق وتحليله واتخاذ القرار. كما يبدو أنهم أقل ميلاً نحو التصويت والمشاركة في مجتمعاتهم مقارنة بالأجيال السابقة. يدخل الجيل Z الآن سوق العمل، ويحتاج مهارات اجتماعية واندماج مع المجتمع فهم بحاجة الأن إلى التحرر من العزلة وتعلم مهارات الحياة الواقعية بعيدا عن العالم الإفتراضى الذى سلبهم حرية التعبير والقدرة على التفاعل المباشر  .

Leave a comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *