# Tags
#منوعات

من أوسترليتز إلى برلين.. انتصارات نابليون التي أرعبت أوروبا

 

كتب:عبدالرحمن ابراهيم

في مشهد وصفه المؤرخون بالمهيب، دخل نابليون بونابرت العاصمة البروسية برلين في 27 أكتوبر عام 1806، بعد حملة عسكرية خاطفة لم تستغرق أكثر من خمسة عشر يوماً، مكرساً بذلك تفوقه العسكري في أوروبا ومثبتاً مكانته كأحد أبرز القادة في التاريخ الحديث.

من الثورة إلى الإمبراطورية

بعد عقد من الاضطرابات السياسية التي شهدتها فرنسا خلال الثورة الفرنسية، أنهى نابليون بونابرت تلك الحقبة بانقلاب 9 نوفمبر 1799، المعروف باسم انقلاب الثامن عشر من برومير، والذي أتاح له السيطرة على الحكم تحت نظام القناصل.
ومع إعلان نفسه إمبراطوراً عام 1804، دخلت القارة الأوروبية مرحلة جديدة من الصراعات، إذ سعت الدول الكبرى إلى تشكيل تحالفات متكررة لوقف التوسع الفرنسي الذي قاده نابليون بطموح لا يعرف الحدود.

التحالف الرابع وسقوط بروسيا

في عام 1806، وبعد انتصاره الكبير على التحالف النمساوي الروسي في معركة أوسترليتز، بدا أن نابليون بات سيد القارة الأوروبية بلا منازع. هذا التفوق العسكري أثار مخاوف مملكة بروسيا، التي خشيت على نفوذها في وسط أوروبا.
ولمواجهة الخطر الفرنسي، شكلت بروسيا تحالفاً جديداً مع روسيا وبريطانيا والسويد، فيما عرف تاريخياً بـ التحالف الرابع، وأعلنت الحرب على فرنسا في 9 أكتوبر 1806.

لكن هذه الحرب لم تدم طويلاً؛ إذ تمكن نابليون من سحق الجيش البروسي في معركتين حاسمتين يوم 14 أكتوبر 1806:

  • في معركة يينا، قاد نابليون قواته بنفسه وهزم جيش الأمير فريدريك لويس.
  • وفي معركة أورشتات، حقق الجنرال الفرنسي لويس نيكولا دافو نصراً ساحقاً على قوات دوق برونشفيغ.

بعد هاتين الهزيمتين، انهار الجيش البروسي وبدأت قوات نابليون زحفها نحو العاصمة برلين دون مقاومة تُذكر.

دخول نابليون برلين

وفي صباح 27 أكتوبر 1806، دخل نابليون برلين على رأس الحرس الإمبراطوري، بعد أن فرّ الملك البروسي فريدريك فيلهلم الثالث وليس الثاني كما يخطئ البعض من المدينة.
ورغم ضخامة المشهد، كان الاستقبال بارداً؛ إذ خرج سكان برلين لمشاهدة دخول الإمبراطور الفرنسي، لكن الصمت والوجوم خيّما على الوجوه التي ملأتها الكراهية تجاه المحتل.

وخلال جولته في المدينة، زار نابليون قبر الملك الراحل فريدريك الثاني “فريدريك العظيم، الذي كان يعجب به منذ صغره، وأمر جنوده بخلع قبعاتهم احتراماً له قائلاً عبارته الشهيرة:

اخلعوا قبعاتكم يا سادة، فلو كان حياً لما كنا هنا اليوم.”

 

الاحتلال الفرنسي والحصار القاري

بعد سيطرته على العاصمة، فرض نابليون إدارة فرنسية على برلين، وفرض ضرائب باهظة وصادر الممتلكات والمؤن لدعم جيشه. كما شهدت المدينة أعمال نهب وتخريب من قبل الجنود الفرنسيين، ما فاقم معاناة السكان.
وبعد أسابيع فقط، في 21 نوفمبر 1806، أصدر نابليون مرسوم برلين الذي أعلن من خلاله الحصار القاري على بريطانيا، بهدف خنق تجارتها وعزلها اقتصادياً عن القارة الأوروبية.

هذا الحصار مثل خطوة جديدة في حرب نابليون الطويلة ضد بريطانيا، وأبرز كيف حوّل احتلاله لبرلين إلى ورقة ضغط سياسية واقتصادية كبرى في صراعه للسيطرة على أوروبا.

Leave a comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *