قصة مدينة : “الإسكندرية”.. إرثٌ تاريخيٌ وثقافيٌ يزين ساحل مصر

حكايات الحضارات على شواطئ “مدينة الأساطير”
إعداد: إبراهيم عاطف
تُعتبر محافظة الإسكندرية، واحدة من أهم المُدن التاريخية في العالم؛ حيث تشهد على عدة مراحلٍ من التطورات السياسية والثقافية والاجتماعية، وتبلغ مساحتها 2879 كيلومتر مربع، كما يبلغ عدد سكانها 5,590,121، بحسب إحصائيات عام 2024م.
نشأة الإسكندرية
تأسست المدينة في القرن الرابع قبل الميلاد، وتحديدًا في عام 331 ق. م، على يد الإسكندر الأكبر، ومنذ ذلك الحين أصبحت مركزًا حيويًا للثقافة والتجارة في العالم القديم، كما أصبحت عاصمة لمصر الهلنستية، ونموذجًا لمدن العالم القديم، وكان الإسكندر الأكبر يسعى لإنشاء مدينة تجمع بين الثقافات المُختلفة، واختار موقعها الاستراتيجي قرب البحر الأبيض المتوسط، وتم تأسيس العديد من المعالم الفكرية والثقافية؛ مثل: مكتبة الإسكندرية الشهيرة، التي تُعد من أكبر المكتبات في العالم، و ومعبد السيرابيوم.
وبعد وفاة الإسكندر، تولى خلفاؤه الحكم، وأصبح حكم البطالمة هو السائد، وشهدت المدينة في هذه الفترة ازدهارًا كبيرًا في الثقافة والفلسفة، وبرز فيها عددٌ من العلماء والمفكرين؛ ومع مرور الوقت، دخلت الإسكندرية تحت السيطرة الرومانية عام 30 ق. م، بعد هزيمة كليوباترا ومارك أنتوني، كما أصبحت المدينة مركزًا إداريًا وثقافيًا مُهمًا في الإمبراطورية الرومانية، مما أدى إلى وقوع العديد من الأحداث التاريخية المهمة فيها، ومع انتشار المسيحية في القرن الأول الميلادي، أصبحت الإسكندرية مركزًا هامًا للديانة الجديدة، وتأسس فيها العديد من الكنائس، مما زاد من دورها كمركزٍ دينيٍ وثقافيٍ.
وفي عام 642م، دخلت الإسكندرية تحت الحكم الإسلامي بعد فتحها على يد عمرو بن العاص، وأحدث هذا الفتح تحولًا كبيرًا في تاريخ المدينة، وفتح أمامها آفاقًا جديدةً، وأصبحت مركزًا مهمًا للعلوم والآداب، وظلت تتطور تحت مختلف العصور الإسلامية، ثم مرت بعدة نكباتٍ في العصور الوسطى؛ منها: الحروب الصليبية والفترات التي تلتها؛ لكنها استطاعت أن تستعيد بريقها في القرون اللاحقة، وفي القرن التاسع عشر، شهدت الإسكندرية عملية تحديث كبيرة؛ حيث تم شق القنوات وتطوير الموانئ، مما جعلها نقطة شحن وتجارة استراتيجية في البحر الأبيض المتوسط.
وفي القرن العشرين، كانت الإسكندرية مركزًا للنشاط السياسي والتجاري، واحتضنت العديد من الحركات الوطنية، وبعد الثورة المصرية عام 1952م، أصبحت تُعرف بمكانتها كمدينةٍ ثقافيةٍ وتجاريةٍ مهمة.
أهم المعالم التاريخية والثقافية
تجمع عروس البحر المتوسط عبق التاريخ وسحر الطبيعة؛ حيث تتميز بمعالمها الأثرية الفريدة التي تجذب الملايين من الزوار سنويًا، بالإضافة إلى المعالم الثقافية، والحدائق الساحرة، والأسواق التقليدية التي تضيف لها طابعًا خاصًا؛ مثل:
– حديقة أنطونيادس: تُعتبر واحدة من أجمل الحدائق في الإسكندرية، وتوفر مساحة خضراء شاسعة للزوار؛ للاسترخاء والاستمتاع بجمال الطبيعة، كما تحتوي على العديد من النباتات والزهور المتنوعة، بالإضافة إلى مناطق للأطفال.
– متحف الفنون الجميلة: يُعد من أبرز المعالم الثقافية في الإسكندرية؛ حيث يضم مجموعة كبيرة من اللوحات والنحت والفنون التشكيلية، ويُعتبر مكانًا مثاليًا لعشاق الفن والغوص في العالم الإبداعي.
– محمية أبو قير: تقع على بعد حوالي 20 كيلومترًا من وسط المدينة، وتُعتبر منطقة مثالية لمحبي الطبيعة، كما تحتوي على تنوعٍ بيولوجي غني، وتوفر مناطق للراحة والتنزه.
– عمود السواري: يُعتبر من أبرز المعالم الأثرية في الإسكندرية، وهو عبارة عن عمودٍ ضخم من الجرانيت الأحمر، ويبلغ ارتفاعه حوالي 27 مترًا، ويعود إلى القرن الرابع الميلادي، وقد تم بناؤه تكريمًا للإمبراطور الروماني هادريان، كما يُعتبر رمزًا للمدينة، ويعكس التأثير الروماني الكبير على الإسكندرية.
– مسرح الإسكندرية الروماني: يُعد من المعالم الأثرية الفريدة التي تعود إلى القرن الثاني الميلادي، ويتسع المسرح لأكثر من 800 متفرجٍ، ويتميز بتصميمه المعماري الجميل؛ حيث يُعتبر أحد أقدم المسارح في العالم، ويُستخدم المسرح اليوم؛ لاستضافة الفعاليات الثقافية والفنية.
– الكاتدرائية المرقسية: تُعتبر أقدم كنيسة في الإسكندرية، وهي واحدة من أهم الكنائس القبطية في العالم، وتم تأسيسها في القرن الرابع الميلادي، وتشتهر بتصميمها المعماري الفريد، وزخارفها الجميلة، وتُعد مركزًا مهمًا للعبادة وللثقافة القبطية، وتعتبر مكانًا مهمًا للزوار الراغبين في استكشاف التاريخ المسيحي في المدينة.
– قلعة قايتباي: تُعتبر واحدة من أهم المعالم التاريخية في الإسكندرية؛ حيث بُنيت في القرن الخامس عشر؛ لحماية المدينة من الغزوات البحرية، وتقع على ساحل البحر الأبيض المتوسط، وتوفر إطلالات رائعة على البحر، ويمكن للزوار استكشاف أسوار القلعة، والاستمتاع بجولة في تاريخها.
– قصر المنتزه: يُعتبر من أبرز المعالم السياحية في الإسكندرية؛ حيث يضم مجموعة من الحدائق الخلابة، والمباني التاريخية، وبُني القصر في القرن التاسع عشر، كإقامة صيفية للملوك، ويتميز بتصميمه المعماري الجميل، وإطلالته الرائعة على البحر الأبيض المتوسط.
– مكتبة الإسكندرية الجديدة: تُعتبر من أبرز المعالم الثقافية في المدينة؛ حيث تم افتتاحها في عام 2002م، وتُعد تجسيدًا لروح المكتبة القديمة الشهيرة، التي كانت تُعد من عجائب العالم القديم، كما تحتوي على مجموعة ضخمة من الكتب والمخطوطات، بالإضافة إلى قاعاتٍ للعرض، ومراكز بحثية، كما تستضيف فعاليات ثقافية وفنية على مدار العام.