إنفانتينو في قمة شرم الشيخ.. كرة القدم تتحول إلى أداة دبلوماسية

كتب:عبدالرحمن ابراهيم
في مشهد غير معتاد للجماهير الرياضية والرأي العام العالمي، ظهر رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم جياني إنفانتينو في قمة السلام المنعقدة بمدينة شرم الشيخ، برعاية الرئيس عبد الفتاح السيسي، دعمًا للجهود الرامية إلى وقف إطلاق النار في غزة. غير أن حضوره لم يكن مجرد لفتة رمزية، بل حمل رسائل سياسية عميقة تؤكد أن كرة القدم باتت تُستخدم اليوم كأداة دبلوماسية فاعلة في صراعات الشرق الأوسط.
منذ اندلاع الأزمة، حافظت مصر على دورها التاريخي بوصفها “صوت العقل” في المنطقة، حيث قادت تحركات دبلوماسية مكثفة شملت اتصالات مباشرة مع مختلف الأطراف، وضغوطًا متواصلة لفرض هدنة توقف نزيف الدم الفلسطيني. وجاء انعقاد القمة على أرض شرم الشيخ ليُبرز مكانة مصر المحورية في الدفاع عن القضية الفلسطينية باعتبارها قضية أمن قومي وإنساني.
وخلال المؤتمر، وقف إنفانتينو إلى جانب الرئيس السيسي والرئيس دونالد ترامب، في مشهد أثار دهشة الحضور. فظهوره إلى جوار زعماء دوليين لم يكن لمجرد التقاط الصور، بل كان تعبيرًا عن طموح الاتحاد الدولي لكرة القدم في لعب أدوار تتجاوز حدود الملاعب إلى ساحات السياسة الدولية.
وألقى رئيس الفيفا كلمة أشاد فيها بجهود القادة في التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، مؤكدًا أن كرة القدم قادرة على مد جسور التفاهم بين الشعوب. وتأتي علاقته المتنامية مع ترامب لتثير مزيدًا من التساؤلات، خصوصًا بعدما دعا إنفانتينو إلى منحه جائزة نوبل للسلام، في إشارة واضحة إلى الدور الأمريكي في الوساطة.
في المقابل، لا تزال غزة تعيش واقعًا مأساويًا تحت أنقاض الحرب، رغم توقيع اتفاق وقف إطلاق النار. فالقصف الإسرائيلي خلّف دمارًا هائلًا وبثّ الخوف في نفوس المدنيين، بينما تبقى الأسئلة الكبرى معلّقة: كيف سيُعاد إعمار القطاع؟ وكيف يمكن تحقيق الأمن وسط هشاشة الهدنة؟
مشاركة إنفانتينو في القمة لم تكن الأولى له في فعاليات سياسية دولية، لكنها الأكثر جدلًا؛ إذ رأى كثيرون فيها تدخلًا مباشرًا في ملف بالغ الحساسية، مستفيدًا من مكانة كرة القدم العالمية لإضفاء طابع “وساطة رياضية” على موقفه، خاصة بعد تصريحاته المؤيدة لإسرائيل في مناسبات سابقة. هذا الحضور، وإن كان يحمل طابعًا دبلوماسيًا ناعمًا، إلا أنه كشف بوضوح عن تداخل دوائر الرياضة والسياسة في واحدة من أعقد قضايا المنطقة.