كتب – محمد منصور:

نظّم المعهد الدولي العالي للإعلام بأكاديمية الشروق ندوة توعوية تحت عنوان «معًا.. يوم بلا شاشات»، بحضور نخبة من كبار الإعلاميين والكتاب، في إطار حرص الأكاديمية على ترسيخ الوعي لدى طلابها بأهمية الاستخدام الرشيد للتكنولوجيا ووسائل التواصل، واستعادة قيم التواصل الإنساني الحقيقي في ظل التوسع الرقمي الهائل.

أقيمت الندوة تحت رعاية اللواء الدكتور أحمد عبد الرحيم رئيس مجلس إدارة أكاديمية الشروق، وبإشراف الدكتورة سهير صالح عميدة المعهد الدولي العالي للإعلام، وبحضور الدكتورة إلهام يونس وكيلة المعهد، وشارك فيها كل من الدكتورة منى الحديدي عضو المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام وصاحبة المبادرة، والكاتبة الصحفية والناقدة السينمائية ماجدة موريس، والكاتب الصحفي فتحي محمود رئيس مركز أتون الثقافي، والكاتبة الصحفية سهى سعيد مديرة تحرير مجلة الإذاعة والتلفزيون، وأدار الندوة الدكتور رامي عطا صديق رئيس قسم الصحافة بالمعهد.

اللواء د. أحمد عبد الرحيم: التكنولوجيا وسيلة وليست بديلًا عن التواصل الإنساني

أعرب اللواء الدكتور أحمد عبد الرحيم عن سعادته بوجوده بين الطلاب في هذه الندوة التي تحمل رسالة إنسانية ومجتمعية بالغة الأهمية، مؤكدًا أن عنوانها «معًا.. يوم بلا شاشات» يعكس حاجة المجتمع الماسة إلى التوازن بين العالم الرقمي والحياة الواقعية.

وأضاف أن التكنولوجيا حققت طفرة كبيرة في مجالات الاتصال والمعرفة، لكنها – دون أن نشعر – خلقت فجوة بين الأجيال وغيّرت شكل الأسرة والعلاقات الاجتماعية، داعيًا إلى إعادة بناء جسور التواصل الحقيقي داخل الأسرة والمجتمع.

وأشار إلى تجربته الشخصية مع أحفاده، مؤكدًا أنه يحرص دائمًا على إبعادهم عن الهواتف لبعض الوقت ليعيشوا اللحظة ويتذوقوا دفء العلاقات العائلية بعيدًا عن العالم الافتراضي، مضيفًا: «الرسالة التي نحملها اليوم ليست ضد التكنولوجيا، لكنها دعوة لاستخدامها بعقل ووعي وحدود، لأن الإنسان هو الأصل، والتكنولوجيا وسيلة وليست بديلاً عنه».

د. سهير صالح: الإعلام رسالة ووعي وبناء للإنسان قبل بناء الرسالة

من جانبها، أكدت الدكتورة سهير صالح عميدة المعهد الدولي العالي للإعلام أن الأكاديمية تولي اهتمامًا خاصًا بالندوات التوعوية والفكرية التي تُسهم في بناء وعي طلاب الإعلام، مشيرة إلى أن التكنولوجيا رغم إيجابياتها الكبيرة أثّرت على العلاقات الاجتماعية والإنسانية، وأضعفت قدرة الأجيال الجديدة على التفاعل المباشر.

وأوضحت أن مبادرة «يوم بلا شاشات» جاءت لتذكّرنا بقيمة التواصل الحقيقي، ودور الإعلام في توجيه المجتمع نحو الوعي الرشيد، مؤكدة أن «الإعلام لا يصنع الإنسان بالكلمة فقط، بل بالقدوة والوعي والمسؤولية».

د. إلهام يونس: الإعلامي الواعي هو من يمتلك أدوات التكنولوجيا دون أن يقع أسيرها

أكدت الدكتورة إلهام يونس، وكيلة المعهد الدولي العالي للإعلام بالشروق، أن هذه الندوة تأتي في إطار خطة المعهد لربط طلابه بقضايا المجتمع، مشيرة إلى أن الإعلامي الواعي هو من يوظف أدوات التكنولوجيا لخدمة الرسالة، دون أن يقع فريسة لإغراءاتها.

وأضافت أن أكاديمية الشروق تعمل دائمًا على إعداد جيل من الإعلاميين يجمع بين الثقافة والمهارة والمسؤولية المجتمعية، مشيدة بمستوى طلاب قسم الصحافة وتنظيمهم المتميز للفعالية.

د. منى الحديدي: يوم بلا شاشات دعوة للتفكير في علاقتنا بالحياة

قالت الدكتورة منى الحديدي، صاحبة المبادرة وعضو المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، إن الهدف من الفكرة هو الدعوة إلى التوقف قليلًا والتفكير في علاقتنا اليومية بالتكنولوجيا، مشيرة إلى أن الشاشات أصبحت جزءًا من تفاصيل حياتنا اليومية، لكنها في المقابل أخذت منا شيئًا ثمينًا جدًا وهو «التواصل الإنساني الحقيقي».

وأضافت أن المبادرة ليست ضد التطور، بل تسعى لإعادة التوازن بين العالمين الواقعي والافتراضي، لأن الإنسان يحتاج إلى أن يعيش اللحظة بصدق، لا أن يراها عبر شاشة الهاتف.

ماجدة موريس: التكنولوجيا سرقت منا الدفء الإنساني وروح المشاركة

أكدت الكاتبة الصحفية والناقدة السينمائية ماجدة موريس أن فكرة الندوة جريئة ومهمة لأنها تطرح سؤالًا مصيريًا: هل ما زلنا نعيش فعلًا أم أصبحنا نعيش عبر الشاشات؟

وقالت إن التكنولوجيا تحولت من وسيلة نستخدمها إلى أداة تستخدمنا، وأصبحنا نفتح أعيننا ونغلقها على الشاشات، مما أفقدنا أجمل ما في الحياة من تواصل ودفء ومشاركة.

وأضافت أن حتى السينما فقدت جزءًا من روحها بعد أن تحولت من تجربة جماعية إلى مشاهدة فردية على شاشات صغيرة، مؤكدة أن الندوة تمثل دعوة لإعادة التوازن واستعادة القيم الإنسانية في ظل زحف الرقمنة.

فتحي محمود: الغزو الإلكتروني خطر يهدد وعي الأجيال

وحذّر الكاتب الصحفي فتحي محمود، رئيس مركز أتون الثقافي، من خطورة الغزو الإلكتروني الذي لا يأتي بالسلاح بل بالألعاب والمحتوى الموجَّه، مؤكدًا أن بعض الألعاب الإلكترونية تحمل رسائل خفية تؤثر على وجدان الشباب وتُكرّس للعزلة والعنف.

وقال إن إدمان الألعاب الإلكترونية يؤدي إلى اضطرابات في النوم وضعف التركيز وتراجع التحصيل الدراسي، داعيًا الأسر والإعلاميين إلى التكاتف لنشر الوعي بخطورة هذا النوع من الإدمان، واستخدام التكنولوجيا في مجالات الإبداع والمعرفة بدلًا من الانعزال والضياع.

سهى سعيد: دعوة لاستعادة الإنسان وسط زحام الصور والمقاطع السريعة

في كلمتها، عبّرت الكاتبة الصحفية سهى سعيد، مديرة تحرير مجلة الإذاعة والتلفزيون، عن سعادتها بالمشاركة في ندوة تسعى لإعادة الإنسان إلى ذاته، مشيرة إلى أن «يوم بلا شاشات» لا يدعو للانعزال، بل للتأمل واستعادة الوعي وسط هذا الزحام الإلكتروني الهائل.

وقالت إن التكنولوجيا نزعت من حياتنا لحظات كانت تصنع أجمل الذكريات، مثل جلسة العائلة ولقاء الأصدقاء، مؤكدة أن الوعي لا يُختصر في منشور أو مقطع سريع، وأن الإعلام الحقيقي هو الذي يعيد الإنسان إلى إنسانيته ويستخدم التكنولوجيا بعقل ومسؤولية.

وفي ختام الندوة، أعرب الحضور عن تقديرهم لأكاديمية الشروق لحرصها الدائم على تبني المبادرات الفكرية والإنسانية الهادفة التي تُسهم في تنمية وعي الطلاب، وتعزز من دور الإعلام في بناء الإنسان قبل بناء الرسالة.