صاحب نوبل للأدب “نجيب محفوظ”.. عبقري الأدب والواقعية المصرية

كتبت : يمنى عزت
بدأت وزارة الثقافة في تنفيذ سلسلة من الأنشطة الثقافية للاحتفاء بالأديب الكبير نجيب محفوظ بكل مواقعها بالأضافة لعدد من المواقع التابعة للوزارت والمؤسسات الأخرى؛ تقديرًا لدوره البارز فى تعزيز الهوية المصرية، تحت عنوان “محفوظ … فى القلب”، فى إطار المبادرة التى أطلقتها الوزارة لعزة الهوية المصرية، برعاية الدكتور أحمد فؤاد هنو وزير الثقافة.
والأديب العالمي نجيب محفوظ قامة أدبية شامخه، ليس فقط على مستوى الأدب العربي، بل على مستوى الأدب العالمي. فهو أول عربي يحصل على جائزة نوبل في الأدب عام 1988، تقديرًا لإسهاماته الروائية والقصصية الثرية التي أغنت المكتبة العربية والعالمية. تميزت أعماله بالعمق الفلسفي والاجتماعي، والتصوير الواقعي للحياة المصرية، واستخدامه للغة العربية ببراعة فائقه
ولد نجيب محفوظ في 11 ديسمبر 1911، وكانت ولادته عسيرة جدا، وكأن الكون يريد إثبات شيء ما، وكأن الدنيا تريد إبلاغنا أنها تهبُنا إنسانا غير عادي. اضطر والده للجوء إلى طبيب على غير العادة والمتعارف عليه، ففي تلك الفترة لا تلد الأم إلا على يد امرأة تسمى “الداية”. وبالفعل أتى طبيب يدعى نجيب محفوظ باشا، واستطاع أن يسعف الأم لتضع مولودها، فأراد عبد العزيز إبراهيم والد نجيب محفوظ أن يشكر الطبيب، فقام بتسمية المولود باسم الطبيب، اسم مُركب “نجيب محفوظ” عرفانا بالجميل.
نشأته وحياته:
ولد نجيب محفوظ عبد العزيز إبراهيم أحمد الباشا في حي الجمالية بالقاهرة، ونشأ في أسرة متوسطه. تلقى تعليمه العام ثم التحق بجامعة القاهرة لدراسة الفلسفة، وهو ما أثرى رؤيته الأدبية ومنحها بعدًا فكريًا عميقًا. عمل محفوظ في عدة وظائف حكوميه منها في وزارة الأوقاف ووزارة الثقافه قبل أن يتفرغ للكتابه في مؤسسة الأهرام عُرف عن محفوظ حبه لمصر وحاراتها وتفاصيل الحياة اليومية فيها، وهو ما انعكس بوضوح في معظم رواياته وقصصه.
مسيرته الأدبية
بدأ نجيب محفوظ مسيرته الأدبية في الثلاثينيات من القرن الماضي بكتابة المقالات الفلسفية والقصص القصيرة. صدرت روايته الأولى “عبث الأقدار” عام 1939، والتي قدم فيها رؤيته للواقع التاريخي تبعتها روايات أخرى مثل “كفاح طيبة” و”رادوبيس”، قبل أن ينطلق في مشروعه الروائي الأهم الذي تناول فيه الحياة الاجتماعية والسياسية في مصر الحديثة.
تعتبر ثلاثية القاهرة (بين القصرين، قصر الشوق، السكرية) من أبرز أعماله وأكثرها شهرة،حيث رسم فيها صورة بانورامية لتطور المجتمع المصري خلال فترة هامة من تاريخ من خلال تتبع حياة ثلاث أجيال من عائلة مصرية من القاهره كما لا يمكن إغفال روايات أخرى هامة مثل زقاق المدق، التي تصور الحياة في أحد الأحياء الشعبية بالقاهرة، واللص والكلاب التي تتناول قضية الخيانة والانتقام، وأولاد حارتنا التي أثارت جدلاً واسعًا لتناولها الرمزي لقضايا دينية وفلسفية وخان الخليلي التي تستلهم أجواء القاهرة القديمة
تميزت كتابات نجيب محفوظ بالتنوع في الموضوعات والأساليب إلا أنها اتسمت دائمًا بالواقعية العميقة والقدرة على الغوص في النفس البشرية وتصوير تعقيداتها كما برع في استخدام اللغة العربية الفصحى بأسلوب سهل وجميل، مع إدخال بعض المفردات العامية لإضفاء الحيوية والواقعية على الحوار
تأثيره وجوائزه
كان لنجيب محفوظ تأثيرا كبيرا على الأدب العربي الحديث، حيث فتح آفاقًا جديدة للرواية العربية وألهم العديد من الكتاب والروائيين من بعده. وقد حظي بتقدير واسع على المستوى المحلي والعالمي، وتوجت مسيرته الأدبية بحصوله على جائزة نوبل في الأدب عام 1988، ليصبح أول كاتب عربي يحقق هذا الإنجاز الرفيع. كما حصل على العديد من الجوائز والأوسمة الأخرى تقديرًا لإسهاماته الأدبية.
محاولة الاغتيال ووفاته:
في عام 1994، تعرض نجيب محفوظ لمحاولة اغتيال من قبل متطرفين دينيين بسبب روايته أولاد حارتنا، مما أثر على صحته وحركته. ورغم ذلك استمر في الكتابة والإبداع حتى وفاته في عام 2006 عن عمر يناهز 94 عامًا تارك وراءه تراث ادبى ميتنسيش وسيظل يُقرأ ويُدرس للأجيال القادمة
ويبقى نجيب محفوظ رمزًا للأدب العربي الأصيل والمعاصر وستظل أعماله شاهدة على عبقريته وقدرته الجميله على التعبير عن الإنسان والمجتمع والوطن. لقد استطاع أن يرتقي بالرواية العربية إلى مصاف الآداب العالمية، ليخلد اسمه في تاريخ الأدب كواحد من أعظم الروائيين في القرن العشرين .