انتشار أدب الرعب بين الشباب.. هل للاستمتاع أم لأسباب نفسية ؟!

كتبت: نرمين محسن
يعتبر أدب الرعب في مصر من أنواع الأدب الحديثة نسبية فهو لم يكمل عامه الثلاثون بعد، ولكن استطاع أدب الرعب خلال السنوات الأخيرة جذب عدد كبير من الشباب للقراءة لما يحمله هذا الفن من أحداث متسارعة وتشويق وهذا مما يخلق حالة من المتعة الخاصة لدى القارئ ، وفي آخر عامين احتلت صدارة الروايات الناجحة في المعرض، ليس فقط الروايات المقروءة، بل أيضًا الروايات المسموعة التي حققت ملايين المشاهدات ولها محبيها الذين ينتظرونها بشغف.
متى ظهر وانتشر هكذا؟
ظهور حكايات وقصص الرعب ليس شيئًا جديدًا، بل هو موجود منذ القدم، وحكاه الأجداد والجدات من أول حكايات النداهة وأمنا الغولة وأبو رجل مسلوخة وجنية الترعة.
كل هؤلاء وأكثر شخصيات مرعبة لها مئات الحكايات التي تناولها جيل بعد جيل، وحب الناس للمبالغة في أحداث القصص التي قد يكون لها أساس حقيقي، واقتناع البعض بالبيوت المسكونة وظهور الجن والعفاريت ساهم أكثر في وجود وانتشار هذا الأدب . ولكن مؤخرًا، ومع التطور والتقدم الذي نعيشه، بدأت حكايات الرعب تأخذ شكلًا منظمًا أكثر وتظهر بشكل يواكب التطور والأحداث التي نعيشها. فظهر الدكتور أحمد خالد توفيق، عميد أدب الرعب في مصر، الذي بدأ يكتب ويطور في هذا المجال، وبدأ الشباب ينجذبون لرواياته.
ومع مرور الوقت وزيادة أعداد محبي هذا النوع من الأدب، ظهر على ساحة الكتاب العشرات من مؤلفي قصص الرعب مثل أحمد يونس ومحمد عصمت ومحمود الجعيدي وغيرهم الكثير ممن يكتبون الرعب ويحاولون دائمًا أن يجذبوا القارئ ويقدموا له أكبر كمية من الرعب والخوف في الرواية. وهذا يرجعنا إلى السؤال الأساسي: لماذا أحب الشباب الرعب؟ الدراسات العلمية أثبتت أن الإنسان قد يدمن إحساس الرعب والخوف. شعور النشوة الذي يحصل بسبب إنتاج الجسم لكمية كبيرة من الأدرينالين الذي يحفز المخ، يجعل الشخص مستمتعًا جدًا بهذه الحالة. ومثل أي إدمان، في البداية قد يخاف الشخص من أشياء بسيطة، ولكن مع مرور الوقت يحتاج إلى جرعة أكبر من الخوف ليصل إلى نشوة أعلى من المرة السابقة. وهذا بسبب أن مع مرور الوقت وكثرة تعمق الفرد في هذا النوع من الروايات، يجعله يتوقع الأحداث أو أنه لم يعد يخاف مثل الأول، فيحتاج إلى شيء يجعله مرعوبًا أكثر وأكثر. وهذا ما يتنافس عليه كتاب الرعب في كل رواية لهم، تقديم وجبة رعب دسمة للقارئ.
من الناحية النفسية، لماذا أحب الشباب الرعب؟
أهم ما اتفق عليه أطباء الطب النفسي هو أن القارئ أحيانًا يحاول التغلب على مخاوفه عن طريق أن يجد مخاوف أكبر منها حتى وإن كانت وهمية.
وأن إحساس الخوف طبيعة بشرية، فلا يوجد أحد لا يخاف، مع اختلاف أسباب الخوف من شخص لآخر. وأحيانًا تكون قراءة الرعب متنفسًا حقيقيًا لهم، يخرجون فيه أفكارًا سوداوية قد تجعلهم يمارسون العنف والسادية على من حولهم أو أن يؤذوا أنفسهم.
جانب آخر من علماء النفس رأى أن هرمون الدوبامين الذي يفرزه المخ نتيجة لتعرضه لجرعة من الخوف والرعب هو السبب في الشعور بالأمان الذي يأتي بعد الشعور بالخوف، يجعل الجسم في حالة استرخاء وراحة.
ورأى البعض الآخر أن إحساس الإثارة والتشويق الذي يتركز في روايات الرعب يجعل الوعي دائمًا متحفزًا ومنتبهًا لكل أحداث الرواية، وهذا يخلق نوعًا من أنواع الاستمتاع بسبب حاجة المخ دائمًا لوجود محفزات للإحساس بالإثارة.
في النهاية، هل تحب الرعب؟