روجينا: بدأت مع كبار المخرجين.. ويوسف شاهين غيّر نظرتي للفن والحياة

أدارت الندوة- د. نسرين عبد العزيز:
أعدها للنشر- محمد منصور:
روجينا: “حور” شخصية صعبة لكنها ممتعة.. وأستاذ يوسف شاهين علمني احترام نفسي كفنانة
تألقت في الدراما والسينما والمسرح، وخطّت لنفسها مسارًا فنيًا مميزًا يعتمد على الموهبة والذكاء في اختيار الأدوار. بدأت مشوارها بخطى واثقة، مستندة إلى دراسة أكاديمية وصبر وإصرار، حتى أصبحت واحدة من النجمات المميزات على الساحة الفنية.
في هذا الحوار، تفتح الفنانة روجينا قلبها، وتحكي عن البدايات، والدروس التي تعلمتها من عمالقة الفن، وتفاصيل تجربتها الخاصة مع المخرج العالمي يوسف شاهين، وتكشف كيف شكّلت الدراسة والاحتكاك بالكبار شخصيتها الفنية.
في البداية.. كيف تصفين مشوارك الفني منذ الانطلاقة وحتى اليوم؟
أنا بعتبر نفسي من الجيل المحظوظ جدًا، بدأت مشواري مع كبار المخرجين والمؤلفين في مصر. اشتغلت في أعمال مهمة زي “العائلة” مع الأستاذ إسماعيل عبد الحافظ، والأستاذ وحيد حامد، وبعدها “المال والبنون” مع الأستاذ مجدي أبو عميرة والأستاذ محمد جلال عبد القوي. دي كانت تجارب ثرية ومؤثرة جدًا في تكويني كممثلة.
وما الذي أضافته لك الدراسة الأكاديمية في معهد الفنون المسرحية؟
الدراسة كانت مهمة جدًا في تشكيل شخصيتي الفنية. صحيح وأنا طالبة كنت مستعجلة أشتغل، لكن بعد كده اكتشفت إن كل القواعد اللي اتعلمتها هي الأساس اللي بستخدمه في شغلي النهاردة. الدراسة خلتني ممثلة مثقفة، فاهمة أدواتي كويس، وبعرف أستخدمها بشكل احترافي.
كيف تصفين علاقتك بالمخرج يوسف شاهين وتجربتك معه في فيلم “المصير”؟
أستاذ يوسف شاهين كان حلم بالنسبة لي. وأنا في الثانوية كنت بدرس أفلامه بالفرنساوي، وعمري ما تخيلت إني هقابله، لكن ربنا كرمني بعد كام سنة واشتغلت معاه في فيلم “المصير”، وكان دور مهم جدًا – دور سلمى بنت ابن رشد. وقتها مكنتش مصدقة إن ده بيحصل، وكنت مرعوبة من الوقوف قدامه.
هل تتذكرين أول لقاء جمعك بيوسف شاهين؟
أكيد! لما رحت أقابله كنت مش قادرة أنطق كلمتين من رهبة حضوره، هو شخصية قوية جدًا، من أول دقيقة بيخطفك. كنت متوقعة إنه مش هيختارني، لكن فوجئت إنه أسند لي دور كبير، وده كان من أهم محطات حياتي.
ما الذي تعلمتيه من هذه التجربة؟
اتعلمت حاجات كتير. أهمها إن الأستاذ يوسف كان بيعامل الكل باحترام شديد، مفيش نجم ومفيش مبتدئ.. الكل سواء. وده غيّر نظرتي للفن والناس. كمان اتعلمت أهمية الالتزام، والاهتمام بكل تفصيلة في الدور، والحب الحقيقي للشغل.
إلى من تدينين بالفضل في بدايتك الفنية؟
بدين بالفضل لمدرستين كبار في حياتي: أستاذي الدكتور أشرف زكي، اللي آمن بموهبتي ودعمني من وأنا طالبة، والمخرج الكبير يوسف شاهين اللي شاف فيا حاجة وقرر يراهن عليّ. الاتنين كانوا محطات مهمة قوي في طريقي الفني.
حضرتك تحدثت عن دورك في مسلسل “حور”، كيف كانت تجربتك مع هذه الشخصية المعقدة؟
الحقيقة، “حور” كان دورًا صعبًا جدًا، لكنه ممتع في نفس الوقت. هي شخصية مركبة، فيها جوانب نفسية واجتماعية معقدة. في البداية، هي دكتورة طيبة تساعد الناس، ولكن في الوقت نفسه، هي قاتلة. الناس ما كانوا يصدقوا ده، لكن أنا حاولت أني أظهر الصراع الداخلي والتعقيد النفسي عند الشخصية. كانت شخصية مقهورة في المجتمع، وكان عندها رغبة قوية في الدفاع عن الآخرين، خاصة النساء اللاتي تم ظلمهن. ده خلاها شخصًا مؤثرًا، رغم أنها شخصية شريرة في الظاهر.
هل هناك لحظات أو مواقف معينة خلال تقديمك لهذا الدور أثرت فيك بشكل خاص؟
بالطبع، تأثرت بشدة بشخصية “حور”، خصوصًا لأنها كانت تدافع عن الحق رغم ظروفها الصعبة. كان دورًا صعبًا نفسيًا، لكن في النهاية كانت تبحث عن العدالة، حتى لو كانت الوسيلة قد تبدو قاسية. حب الناس لهذه الشخصية بعد المسلسل كان مفاجئًا، وطلبهم لجزء ثاني من المسلسل كان شهادة على نجاح الشخصية. وفي الواقع، نحن ندرس فكرة تقديم جزء جديد من “حور”، وقد نعيد تقديمها في شخصية محامية.
في حديثك عن أستاذ يوسف شاهين، ذكرت أنه كان يعاملكم جميعًا بنفس الاحترام. هل يمكنكِ توضيح ذلك؟
بالطبع. أستاذ يوسف شاهين كان يعامل كل العاملين في الفيلم بنفس الطريقة، سواء كان النجم الكبير مثل نور الشريف أو ليلى علوي، أو ممثلين جدد مثلي. كان يعطي الجميع نفس الاحترام. كان يُرسل لنا سيارة خاصة، يدعونا لحضور التصوير والتعلم من اللوكيشن، ورغم أني لم أكن أشارك في التصوير في بعض الأحيان، كنت أذهب لأتعلم من طريقة توجيه الإضاءة، وتوجيهه للممثلين الكبار. كانت تجربة تعليمية حقيقية، أستاذ يوسف علمني أهمية احترام نفسي كفنانة، وهذا لا يتعلق فقط بالمظهر، بل بالعمل الجاد والإبداع.
وكيف أثرت هذه التجربة على مشوارك الفني؟
هذه التجربة مع أستاذ يوسف كانت مدرسة فنية حقيقية. تعلمت منه الكثير، خاصة في كيفية احترام الإنسان والمهنة. كان لديه رؤية خاصة في العمل، وكانت كل لحظة في الفيلم تعلمنا شيء جديد. رأيت كيف يُعامل فريق العمل من جميع المشارب بنفس الاحترام، وكيف يُصمم كل مشهد بأدق التفاصيل. كانت تجربة لا تقدر بثمن.
هل لديك أي مشاريع جديدة أو أفكار تحبين أن تشاركيها مع جمهورك؟
في الحقيقة، هناك العديد من المشاريع الجديدة التي أفكر فيها، وأهمها هو مشروع “حور” الذي نفكر في تقديم جزء ثاني له. بالإضافة إلى ذلك، أنا دائمًا أبحث عن أدوار متنوعة وتحديات جديدة تضيف لي كممثلة وتستمتع بها الناس. أنا متحمسة لما هو قادم، وأتمنى أن أكون عند حسن ظن جمهوري دائمًا.
حضرتك ذكرت في لقاء سابق أن شخصية “فدوى” كانت صعبة جدًا بالنسبة لك، هل يمكنكِ شرح كواليس هذه الشخصية؟
بالطبع، شخصية “فدوى” كانت صعبة جدًا ونجاحها كان أصعب. لغاية الآن، ما زلت أشعر أنني لم أنتهِ من تلك الشخصية. كانت تجربة مليئة بالتحديات، خصوصًا أنني كنت في البداية متوترة جدًا قبل بدء التصوير. كان دورها يتطلب مني التكيف مع شخصية قاسية، تتعامل مع الرجال بعنف وترتدي قناعًا قويًا، بينما أنا شخصيًا بعيد تمامًا عن هذه الشخصية. من هنا بدأت التحضير المكثف، قمت بتقليد ملامح الشخصية، وتفاصيلها، وكان ذلك تحديًا كبيرًا بالنسبة لي.
وهل كان هذا الدور يؤثر عليكِ نفسيًا في حياتك الشخصية كما ذكرتِ في حديثك مع الدكتور أشرف زكي؟
نعم، بالطبع. الشخصية كانت تؤثر عليَّ نفسيًا، وكنت أجد نفسي أحيانًا متوترة جدًا في البيت، وأشعر بالعصبية. في بعض الأحيان، كنت أفكر في الاعتذار عن الدور بسبب الضغط النفسي. ولكن بعد التجربة، بدأت أعيش في الشخصية بشكل أكبر وأعطيها كل ما في طاقتي. كان ذلك صعبًا لكن في النهاية نجحت فيه، والحمد لله.
ماذا تعلمتِ من تجسيد شخصية “فدوى”؟
تعلمت الكثير من هذه الشخصية. في البداية، كانت بعيدة عني تمامًا، وعندما تحولت إلى “فدوى”، شعرت وكأنني أنفصل عن نفسي. كان ذلك صعبًا جدًا، لكنها كانت أيضًا هدية من الله. التمثيل هو موهبة من عند الله، وكلما أحببت الشخصية وكرست لها وقتك وجهدك، فإنك ستصل إلى النجاح. في النهاية، شعرت بالفخر عندما رأت الناس “فدوى” وتفاعلت معها.
هل كان هناك أي تأثير على شخصيتك الخاصة بعد تجسيد هذا الدور الصعب؟
بالطبع، كان لهذا الدور تأثير كبير على حياتي الشخصية. كانت الشخصية تحمل تناقضات وتحديات نفسية كثيرة، مما جعلني أتعلم كيف أتعامل مع هذه التناقضات في حياتي. كما أنني تعلمت من “فدوى” أنني يمكنني التغلب على أي صعوبة إذا كنت مصممة على النجاح. في النهاية، التجربة علمتني كيف أقدر نفسي كفنانة أكثر.
حضرتك قد تناولت قضايا المرأة في العديد من أعمالك. ما هي رسالتك من خلال الأدوار التي تقدمينها عن النساء؟
القضايا التي تتعلق بالمرأة دائمًا تثيرني. في مسلسل “ستهم”، تم تناول قضية المرأة التي تتخلى عن أنوثتها وتتحول إلى شخص آخر لتنجح في المجتمع. هذا الموضوع كان مهمًا بالنسبة لي لأنه يعكس الواقع الذي تعيش فيه العديد من النساء. من خلال تقديم هذه الشخصيات، أريد أن أظهر التحديات التي تواجهها المرأة في مجتمعنا وكيفية تعاملها مع هذه التحديات.
هل كانت هذه الأعمال جزءًا من هدفك الفني في تقديم رسائل للمجتمع؟
بالتأكيد، كان الهدف من الأعمال التي قدمتها هو تقديم رسائل هادفة للمجتمع. “ستهم” كان مثالًا على ذلك، حيث تطرقت إلى قضايا مرّة تتعلق بالمرأة وحقوقها في المجتمع. ونحن كممثلين، لدينا مسؤولية كبيرة في التأثير على الناس من خلال الأعمال الفنية التي نقدمها. أعتبر نفسي محظوظة لأنني أتمكن من تقديم شخصيات مؤثرة مثل “فدوى” التي لا تزال تثير الجدل وتخطف انتباه الجمهور.
حضرتك ذكرت أن أشرف زكي كان له دور كبير في نجاح المسلسل. كيف ساعدك في تنفيذ هذا العمل؟
أشرف كان بالفعل الجندي المجهول وراء نجاح هذا المشروع. في البداية، كان المسلسل يواجه صعوبة كبيرة في الحصول على تمويل وكان هناك العديد من الاعتراضات عليه. لكن أشرف كان داعمًا لي بشكل كبير، حيث قال لنا أن نعمل بكل جدية ونترك الباقي عليه. كان يؤمن بالفكرة جدًا، وعلى الرغم من أن المسلسل كان صعبًا من حيث الموضوع والأماكن التي تم التصوير فيها، إلا أنه لم يتوقف عن دعمنا. وكنت دائمًا أقول له إنه جندي مجهول لأنه كان يقف وراء كل خطوة بكل حماس وتفانٍ.
هل كان المسلسل يتطلب منك التضحية الشخصية؟ وكيف أثر عليكِ ذلك؟
بالطبع، كان المسلسل يتطلب مني تضحية كبيرة، خصوصًا في ما يتعلق بشكلي الخارجي. في أحد الأحيان، قمت بحلق شعري لتقديم الشخصية بشكل واقعي. كان الأمر صعبًا نفسيًا، لكنني شعرت أنه كان ضروريًا للشخصية. أنا أؤمن بكلمة أستاذ يوسف شاهين التي قال لي يومًا: “الشخصية هي التي ستبقى، أما أنتِ فستموتين”. هذا يوضح كيف أن الشخصيات التي نقدمها تظل حية في ذاكرة الناس، وهو ما يعطيني القوة كممثلة.
تم تناول قضية المرأة في المسلسل، هل تعتقدين أن هذه القضية مهمة اليوم؟
بالتأكيد. الموضوع كان جديدًا عليَّ، حيث اكتشفت في المسلسل العديد من حقوق المرأة التي لم أكن أعرفها من قبل. مثل حق المرأة في تحديد شروط عقد الزواج، وحقها في العمل حتى بعد الزواج. كانت مفاجأة بالنسبة لي أن المرأة قد تواجه تحديات كبيرة في حياتها الزوجية مثل فقدان المسكن أو الحقوق الأساسية بعد سنوات من التضحية. الكثير من النساء يواجهن هذه التحديات في صمت، ويقبلن بالأمر الواقع فقط لأنهن لا يجدن بديلًا. لكن هذا المسلسل أبرز هذه القضايا وحاول تسليط الضوء على ما يجب أن يتغير في المجتمع.
هل تعتقدين أن هذه القضايا يجب أن تكون جزءًا من الحوار العام؟
بالتأكيد. القضايا التي تم تناولها في المسلسل تمس حياة الكثير من النساء في المجتمع، ولابد من تسليط الضوء عليها أكثر. حق المرأة في العمل، وحقها في اختيار مسار حياتها، وحقوقها في الحياة الزوجية هي مسائل يجب أن نناقشها في المجتمع بشكل جاد. وأعتقد أن المسلسل قدم هذه الرسائل بشكل غير مباشر لكنه مؤثر جدًا، خاصةً أن بعض النساء لا يعرفن حقوقهن حتى اليوم.
هل يعتبر “ستهم” عملًا محوريًا في مشوارك الفني؟
نعم، بالتأكيد. “ستهم” كان نقطة فارقة في مشواري الفني. تأثرت بشخصية “ستهم” جدًا، لأنها كانت قوية جدًا رغم كل التحديات التي واجهتها. شخصيتها أثرت فيني وفي نظرتي للمرأة القوية التي لا تستسلم مهما كانت الظروف. هذا العمل منحني فرصة لفهم دور المرأة في المجتمع بشكل أعمق، وكان فرصة للتعامل مع قضايا نسائية هامة، خصوصًا في مجال الأحوال الشخصية وحقوق المرأة.
كيف تؤثر هذه الأعمال على طريقة فهمك لدور المرأة في المجتمع؟
أعتقد أن العمل في مثل هذه الأعمال يساعدني في فهم دور المرأة بشكل أعمق. تعلمت أن النساء ليس فقط بحاجة إلى الاعتراف بحقوقهن، ولكن أيضًا إلى الدعم من المجتمع ليتمكنَّ من العيش بحرية وكرامة. هذه الأعمال تساهم في تغيير التفكير المجتمعي نحو المرأة، وتفتح نقاشات مهمة حول ما يمكن أن تقدمه المرأة في المجتمع إذا تم تمكينها بشكل صحيح.
المسلسل تناول قضية حقوق المرأة والعدل بين الزوجين. كيف كان الطرح الذي قدمتموه في هذا العمل؟
في المسلسل، حاولنا أن نطرح قضية العدل بين الزوجين بشكل مختلف. ليس فقط من ناحية حقوق المرأة، ولكن أيضًا من حق الرجل في أن يكون له دور في دعم زوجته ومساعدتها على النجاح في حياتها الشخصية والمهنية. كما أظهرنا أيضًا أن الرجال الذين يقفون في خلفية زوجاتهم ويشجعونهن في مسيرتهن، من حقهم أن يطالبوا بحقوقهم بعد سنوات من التضحية. كانت الفكرة أن كلا الطرفين، المرأة والرجل، يجب أن يحصلا على العدالة في الحياة الزوجية، ولا يمكن لأي طرف أن يُهمش أو يُستبعد.
هل تعتقدين أن هذه القضايا تفتح نقاشًا مهمًا في المجتمع؟
بالطبع. المسلسل قدم قضية لم تكن معروفة للكثيرين، حيث أن الموضوع كان ثقيلًا ومعقدًا، لكنه كان يمس حياة الكثير من الناس. مثلما قالت الشخصية في المسلسل، إذا عمل الرجل والمرأة معًا لتكوين الثروة وبناء الحياة المشتركة، فلا يمكن بعد ذلك أن يُقال للمرأة “باي” دون مراعاة حقوقها. المسلسل كان يحاول تسليط الضوء على مسألة العدل في الحياة الزوجية، وأن حقوق كل طرف يجب أن تكون محترمة بعد الانفصال أو انتهاء العلاقة.
كان من الواضح أن هناك تركيزًا على العلاقات الزوجية وكيفية التعامل مع التحديات. هل هذا هو ما جعل العمل مؤثرًا؟
بالفعل، هذا هو ما جعل العمل مؤثرًا. قدمنا العلاقة بين الزوجين بطريقة غير تقليدية، حيث لم يكن هناك مجرد خلافات سطحية أو مشاهد درامية معروفة. المسلسل كان يتناول قضايا عميقة جدًا مثل حقوق المرأة والحقوق المالية التي يمكن أن تكون مغفلة في كثير من الأحيان، وكذلك الجهد المبذول من الطرفين لتأسيس حياة مشتركة. وهذا التركيز على العدالة بين الزوجين كان حافزًا للمشاهدين لإعادة التفكير في علاقاتهم وفهم حقوقهم بشكل أفضل.
كيف كان شعورك بالتعاون مع نجوم مثل إلهام شاهين وفريد شوقي؟
كان شرفًا لي أن أكون جزءًا من هذا العمل الرائع مع نجوم كبار مثل إلهام شاهين وفريد شوقي. كل شخص كان له دور كبير في إضافة قيمة للمسلسل، سواء خلف الكاميرا أو أمامها. أستاذة إلهام كانت دعمًا كبيرًا لي في المسلسل، وفريد شوقي أضاف لمسة فنية رائعة. كانت تجربة مميزة وأنا ممتنة لكل من ساهم في العمل، سواء من الممثلين أو من فريق العمل التقني الذي عمل خلف الكاميرا.
ما هو أكثر شيء ستحملينه معك من تجربة العمل في “ستهم”؟
أكثر شيء ستحمله هو كيف أن العمل الفني يمكن أن يعكس قضايا اجتماعية حقيقية تؤثر في حياة الناس. تعلمت أيضًا أهمية العدالة في العلاقات الزوجية، وكيف أن الحوار المفتوح والمساواة بين الطرفين يمكن أن يغير الكثير. المسلسل علمنا أن نستمع أكثر وأن نتفهم واقع الآخر، سواء كان رجلًا أو امرأة. كان هذا العمل بمثابة رسالة مهمة عن حقوق الإنسان بشكل عام وحقوق المرأة بشكل خاص.
- دلوقتي هنفتح باب الأسئلة لطلابنا، وهنبدأ بأول سؤال من القاعة.
إحنا بنرحب بحضرتك معانا، وعايزين نعرف: هل في دور معين نفسك تجسديه ولسه ماعملتِهوش؟ ولو هتجسدي شخصية تاريخية مصرية، تفضلي تكون مين؟
بصي، سؤال صعب وسهل في نفس الوقت. الممثل الحقيقي دايمًا بيحب يجسد أي شخصية، لأنه كل شخصية فيها تحدي جديد. بس لو هتكلمي عن شخصية تاريخية، أنا نفسي أعمل شخصية “حتشبسوت”. دي شخصية قوية ومؤثرة أوي. نفسي أعملها من وأنا طالبة في المعهد، ومجاليش الفرصة لحد دلوقتي.
وأي شخصية فيها تحدي بتشدني جدًا، لأن المتعة كلها في الصعوبة، في الاختلاف. أنا دايمًا بدور على الشخصية اللي “مش شبهي”، لأنها بتخليني أشتغل بجد، أذاكر، وأطلع منها أداء مختلف.
إيه أكتر شخصية عملتيها وكانت قريبة لقلبك؟
كل شخصية فيها حتة مني، حتى لو صغيرة. بس من الشخصيات اللي بحبها جدًا: “مي” في مسلسل المال والبنون، و”مالها” في كلمات، دي عملتها وأنا عندي 21 سنة. كمان شخصية “زهرة” في كفر دلهاب، كانت تحدي كبير، أستاذ أحمد نادر جلال رشحني لها، وكانت مختلفة تمامًا عني.
وبرضو شخصية “فدوى” في البرنس، دي كانت صعبة جدًا، لا شبهي ولا تفكيري ولا قناعاتي، ومع ذلك الناس حبتها جدًا، وده كان إنجاز بالنسبة لي كممثلة، إنك تجسدي شخصية شريرة والناس تتعاطف معاها.
إزاي حضرتك بتقدمي شخصيات نسائية واقعية وقوية من غير ما تحسي إن في تكرار؟
الإجابة كلمة واحدة: الدراسة. أنا خريجة معهد فنون مسرحية، ودرست الشخصية من جميع الجوانب. بدرس صوتها، طريقتها، لبسها، حتى مكياجها، وكنت بعمل ده بنفسي زمان لما مكنش فيه ستايلست وماكيرز كتير زي دلوقتي. كل تفصيلة بفرقها، عشان كل شخصية تبقى مختلفة تمامًا عن اللي قبلها. التكرار بيحصل لما الممثل ما يذاكرش كويس.
كيف تستطيعين تقديم شخصيات مختلفة تمامًا دون تكرار أو تشابه؟
لأنني أشتغل على الشخصية من كل زاوية: لا في الحركة، لا في الصوت، لا في طريقة المشي، لا في الأداء. الشخصية عندي من برّا ومن جوا لا يمكن تشبه غيرها. أنا مؤمنة إن دي “هبة” من ربنا، الحمد والشكر لله على النعمة دي. ولو حطيتي كل الشخصيات اللي قدمتها جنب بعض، مستحيل تلاقي تشابه، لا في الشكل ولا في المضمون.
اتعلمت ده من أساتذة كبار في المعهد، يمكن وأنا بتعلم كنت متضايقة وعايزة أشتغل بسرعة، بس لما كبرت عرفت قيمة اللي اتعلمته. كان ليا شرف الدراسة على يد أساتذة زي: سعد أردش، جلال الشرقاوي، د. سميرة محسن، د. أشرف زكي، سميحة عبد الحليم، ونجاة علي في الإلقاء… كلهم كان ليهم بصمة في تكويني كممثلة.
حضرتك ذكرتي المسرح.. هل ما زال له نفس المكانة في حياتك؟ وهل تفكرين في العودة إليه؟
المسرح بالنسبة لي في الجينات، لأنه كان في وقت من الأوقات هو القوة الناعمة لمصر. كنا بنتفرج على أكتر من عرض في نفس الوقت، والمسرح كان بيجذب جمهور حتى من خارج مصر. للأسف أنا مقلة جدًا في المسرح، رغم إني خريجة معهد فنون مسرحية.
عملت تجربة مهمة مع محمد رمضان استمرت ثلاث سنين، وكانت من أجمل التجارب في حياتي، لكن نفسي أرجع للمسرح، لأنه المتعة الحقيقية. الجمهور بيكافئك في اللحظة نفسها، بتسمع تصفيقه وشكره في الوقت الحقيقي. نفسي المسرح يزدهر تاني في مصر، لأننا عندنا فن عظيم بيحبنا عليه الوطن العربي كله.
بعد التصوير، هل تحتفظين بالشخصية أم تتركينها فورًا؟
الصراحة؟ بتفضل معايا شوية. لو كانت شخصية مجنونة أو قوية، بتأثر عليّ. زي مثلاً شخصية “سوسكا” في الطبال، كانت لذيذة جدًا ومشيت معايا فترة، حتى في ردودي في البيت.
بعدين بحاول أخرج منها وأرجع لروتيني كست بيت، عندي بيت وبنات وأسرة. الشخصية بتقعد معايا سنة تقريبًا، من أول التفكير فيها لحد التصوير والعرض، وبعدها لازم أتخلص منها علشان أبدأ شخصية جديدة.
شغلنا صعب، وفعلاً الممثلين بيبان عليهم بعض الجنون، لأن حياتهم دايمًا بين شخصيات مختلفة ومواقف متغيرة.
هل هناك قضية معينة ما زلتِ ترغبين في تقديمها؟
دايمًا بسيبها على ربنا. ساعات بكون بخطط لحاجة، وربنا يبعتلي فرصة في دور أو قضية تانية تبقى أجمل وأقوى.
أنا مش بحط خطة ثابتة، لكن لما تجيني قضية تلمسني، بحس إنها بتناديني، وبقول: “أنا عايزة أقدم ده”.
مش هبطل تمثيل، لكن بحب أتنقل بين الشعبي، والقضايا المجتمعية، واللايت، والدراما النفسية. بحب أغير وأقدّم الجديد دايمًا.
في رأيك، هل الطفل المصري له نصيب كافٍ من الأعمال الفنية؟ وهل تفكرين في تقديم عمل موجه للأطفال؟
والله فعلاً فكرت في الموضوع ده، وأنا بحب الأطفال جدًا وبعرف أتعامل معاهم كإني واحدة منهم، مش بتعامل معاهم من فوق، وده بيخلق بيني وبينهم رابط حلو قوي.
نفسي أعمل عمل يكون حواليّ فيه 50 طفل، مش عارفة إزاي بس بحب ده وبتمنى أحققه، لأن الطفل دلوقتي مش زي زمان، التكنولوجيا بقت طاغية جدًا في حياتهم، والجانب الإنساني محتاج نرجعه.
الأطفال النهارده عندهم وعي ومدارك عالية، ما ينفعش نتعامل معاهم كأنهم مش فاهمين، بالعكس.. هم اللي هيبنوا المجتمع، ولازم نقدم ليهم حاجة تليق بيهم وتغذي روحهم.
ما رأيك في دخول الذكاء الاصطناعي في مجالات الفن والتمثيل؟ وهل يمكن أن يحلّ مكان الممثل الحقيقي؟
بصراحة؟ أنا ضد الفكرة دي تمامًا. مش مؤمنة إن التكنولوجيا بالشكل ده تخش حياتنا وتسيطر عليها، ده بيخلينا عبيد ليها. الذكاء الاصطناعي عمره ما هيعرف يجيب الإحساس أو اللحظة اللي إحنا بنعيشها قدام الكاميرا.
المهنة دي صعبة جدًا، يمكن الناس بتشوف دقيقة تصوير، لكن وراها تعب، وإعادة، وأحاسيس، ومجهود جبار من كل فريق العمل، عشان نقدر نوصل كلمة حلوة أو مشهد صادق.
فعشان كده، لا، أنا ضد إن الذكاء الاصطناعي يحل مكان الممثل أو الفنان.
شكرًا جدًا للفنانة الجميلة روجينا على الردود الصادقة، والملهمة. هل في كلمة أخيرة تحبي توجهيها للطلاب؟
استمتعوا بالدراسة، وصدقوني كل حاجة بتتعلموها دلوقتي هتفيدكم بعدين حتى لو مش حاسين بكده دلوقتي. الفن محتاج وعي، ومحتاج صدق، ومحتاج تعب. وربنا يوفقكم كلكم.