حوار: شهد عبد الحليم

يُعد فن صناعة الخيامية واحدًا من أعرق الفنون التراثية التي اشتهرت بها مصر؛ فهو ليس مجرد حرفة يدوية بل لوحة فنية تنبض بالحياة وتجمع بين الذوق الرفيع والهوية الثقافية الأصيلة وعلى مدار سنوات ظل هذا الفن شاهدًا على مهارة الحرفيين المصريين، وارتباطهم العميق بتراثهم.

يبرز اسم أحمد ربيع من بين الأسماء اللامعة في هذا المجال الذي بدأ رحلته مع الخيامية وهو لا يزال طفلًا في السابعة من عمره؛ حيث نشأ وسط الأقمشة والخيوط والألوان وتعلم من عمه أصول الحرفة خطوة بخطوة بدأ بتعلم الأشكال البسيطة، مثل المربعات والمثلثات، ثم أتقن الزخارف الأكثر تعقيدًا، مثل زهرة اللوتس والنقوش الإسلامية، والاشكال الفرعونية التي تتطلب دقة، وصبرًا، وخيالًا فنيًا واسعًا.

على مدار خمسة وثلاثين عاما لم تكن الخيامية بالنسبة له مجرد مصدر رزق، بل أسلوب حياة وفن اختاره بمحض إرادته، وظل وفيًا لها رغم ما مر به من تحديات وصعوبات.

في هذا الحوار نقترب من تجربته الخاصة ونتعرف على كواليس المهنة، وعلى الأسباب التي جعلته يتمسك بالخيامية حتى اليوم، في وقت يتجه فيه الكثيرون نحو المهن الحديثة والبعيدة عن الحرف التقليدية.

وكان الحوار كالتالي…

ما هي الخامات التى تستخدم في صناعة السجاد؟

نستخدم في صناعة الخيامية قماش “الدقم” القطني بجميع ألوانه المتنوعة بالإضافة إلى قماش “كيل دك” المحلة المعروف بجودته العالية.
كما نستخدم إبر رقم 6 المناسبة لهذا النوع من الخياطة إلى جانب “بكر التعاون” المتوفرة بمجموعة واسعة من الألوان التي تضفي على القطعة رونقا خاصًا.

ما هي الأدوات الأساسية التي لا يمكن الاستغناء عنها في صناعة قطعة خيامية؟

تعتمد صناعة الخيامية على مجموعة من الأدوات والخامات الأساسية أبرزها: المقص، والإبرة، والكستبان (قمع يغطي طرف الإصبع)، إلى جانب قماش “كيل دك”، وخامات “الدقم” القطنية المتنوعة بألوانها الزاهية، والتي تُستخدم في تنفيذ التصاميم والزخارف المختلفة بدقة وجمال.

هل يمكن أن تُطلعنا أكثر على فن الخيامية؟

تُعد الخيامية واحدة من أجمل وأعرق المهن الحرفية في العالم، فهي ليست مجرد صناعة بل فن يحمل بين خيوطه روح التاريخ والمكان.

ورغم محاولات بعض الدول تقليد هذا الفن، فإنها لم تنجح في صناعته لأن الخيامية ولدت في مصر، وبدأت أولى خطواتها في صناعة كسوة الكعبة المشرفة، ثم تطورت لتستخدم في فرش صوان العزاء والأفراح، وكانت جميع مراحلها تنفذ يدويًا بحرفية عالية، ودقة شديدة.

وشهد هذا الفن تطورًا لافتًا مع مرور الوقت  فامتد إلى الوسائد، واللوحات الفنية، وتصاميم “شجرة الحياة” والمشاهد المستوحاة من الطبيعة، بالإضافة إلى الزخارف الرومية والنقوش الإسلامية التي تضيف إلى القطع لمسة روحانية وجمالية فريدة.

هل يمكن أن تحدثنا أكثر عن الأشكال الإسلامية المستخدمة في الخيامية؟

تستوحى بعض الزخارف الإسلامية المستخدمة في فن الخيامية من المساجد الأثرية، وكتب الزخرفة القديمة؛ حيث تعاد صياغتها بروح فنية معاصرة، دون أن تفقد أصالتها وجمالها التاريخي.

ويتم في بعض الأحيان الدمج بين الزخارف الإسلامية، ونقوش الأرابيسك، ومن ثم تنتج لوحات زخرفية تُعد من أجمل ما أبدعته الفنون الإسلامية لما تحمله من توازن بصري، ودقة في التكرار، يعكس روح الفن الإسلامي في أبهى صوره.

ما الفرق بين الخيامية القديمة والخيامية الحديثة؟

شهد فن الخيامية في السنوات الأخيرة تطورًا ملحوظًا من حيث التصاميم والمضامين الفنية ففي الماضي  كان الحرفيون يركزون بشكل أساسي على تصاميم الصوان الخاصة بالأفراح والعزاء بالإضافة إلى بعض اللوحات المستوحاة من زهرة اللوتس دون تنوع كبير في الأشكال أو الموضوعات.

أما اليوم فقد أصبحت الخيامية أكثر إبداعًا حيث ظهرت الزخارف الرومية ، والأشكال الهندسية الدقيقة، بل وامتد الخيال الفني ليشمل مناظر من الطبيعة، وأعماق البحار، وحتى مشاهد من القصص الشعبية مثل قصة “جحا” بالإضافة إلى شجرة الحياة، التي باتت رمزا متكررا في كثير من الأعمال.

كما أصبح استخدام الزخارف الإسلامية حاضرًا بقوة إلى جانب مشاهد رومانية وأشكال تراثية متنوعة ما يجعل كل قطعة تحمل طابعًا خاصًا وجمالًا فريد والجميل أن هذا الفن لا يعرف التراجع أو النسيان

ما اكثر قطعة خيامية اثرت في ذهنك ؟

الحمد لله كلما جلسنا وتعلّمنا أكثر فأكثر نكتشف تفاصيل دقيقة في بعض الأمورمثل ما يعرف بـ (الراكب والمركوب) من المهم جداً أن يولي الحرفي اهتماماً بالغاً بهما لأن الأعمال الرومية تُعد من أصعب أنواع الأشغال كما أن قطعة الخيامية تتطلب صبراً كبيراً ودقة عالية في التنفيذ .

ما هو الارابيسك ؟

الأرابيسك هو فن زخرفي يعتمد على تشكيلات هندسية من المربعات والمثلثات ويستلهم غالباً من العمارة الإسلامية فتجده على الأبواب، أو الأسقف في الجوامع الأثرية بعض هذه الزخارف مستوحاة من كتب الفن والزخرفة القديمة، والبعض الآخر نابع من خيال الفنان وإبداعه .

هل يوجد عوامل ثقافية او اجتماعية اثرت على مهنة الخيامية ؟

لا يوجد ما يهدد مهنة الخيامية أو يؤثر عليها بشكل مباشر، ولكن نرجو أن تتعلم الأجيال القادمة فن صناعة الخيامية ليبقى راسخًا في ثقافتنا فهي من أجمل المهن التقليدية في مصر، وتعكس روح الفن والتراث كما أنها تحظى بإعجاب واسع، وطلب كبير من السائحين الأجانب.