الخوارزم “Algorithm”

بقلم د. عمرو المغربي
سُميت الخوارزم (Algorithm) بهذا الاسم، نسبة إلى العالم “أبو موسى الخوارزمي”، وهو واحدٌ من أهم العلماء المُسلمين في التاريخ؛ حيث ساهم بشكلٍ كبيرٍ في تطوير العلوم، في مجالات “الرياضيات، والفلك، والجغرافيا”، واشتهر بكونه “أبو الجبر”، ولا تزال إسهاماته تؤثر في حياتنا اليومية؛ حيث إن الكثير من المفاهيم الرياضية التي نستخدمها مُستمدة من أعماله.
والخوارزمية (Algorithm)، هي طريقةٌ مُنظمةٌ لحل مُشكلةٍ من خلال الخطوات المنطقية والرياضية المُتسلسلة، التي يتم اتباعها للوصول إلى نتيجةٍ مُحددةٍ.
ويعتمد الذكاء الاصطناعي بشكلٍ كبيرٍ على الخوارزميات؛ لتمكينه من التعلم من البيانات، وتحليل كمياتٍ هائلةٍ منها؛ لاستخراج الأنماط والعلاقات بينها، وتقوم الخوارزميات بتحليل البيانات المُتاحة، واتخاذ القرارات بناءً على القواعد والأنماط التي تعلمتها، كما يُمكنها التنبؤ بنتائجٍ مُعينةٍ؛ بناءً على البيانات التاريخية، والأنماط المُكتشفة، ويتناول المقال كيف كانت الخوارزميات أحد الأسباب الرئيسية وراء نجاح “تيك توك”، وشعبيته الهائلة؟
فتطبيق “تيك توك”، هو ظاهرةٌ ثقافيةٌ رقميةٌ لا يُمكن تجاهلها، غيرت الطريقة التي يُقدم بها المحتوى، وكان في بداياته تطبيقًا بسيطًا قامت بتنفيذه شركة “بايت دانس” الصينية، وكان مُصممًا لمُشاركة الفيديوهات القصيرة للرقص والغناء، ومشاركتها مع الأصدقاء والمُتابعين، ويُمكنك إضافة الموسيقى، والفلاتر، والمؤثرات الخاصة على مقاطع الفيديو، ولا يتطلب الأمر مُعدات احترافية؛ بل يكفي وجود هاتف ذكي؛ ومع مرور الوقت، توسعت منصة “تيك توك” لتشمل مجموعةٍ واسعةٍ من المحتوى؛ مثل: الرقص، والكوميديا، التعليم والعلوم، والطبخ، وغيرها.
وركزت الشركة الصينية على استخدام الذكاء الاصطناعي، وخوارزميات التعلم الآلي العميق، والابتكارات المُستمرة، والتسويق الذكي؛ على انتشار التطبيق بسرعةٍ كبيرةٍ في جميع أنحاء العالم؛ خاصةً بين الشباب، وشجعتهم على التعبير.
كيف يستهدفك الـ “تيك توك”؟
وتعتمد خوارزميات “تيك توك” على مجموعةٍ مُتنوعةٍ من العوامل؛ لتحديد الفيديوهات التي ستظهر لك؛ بناءً على:
- تفاعلاتك السابقة: أي ما هي الفيديوهات التي أعجبتك أو علقت عليها أو شاركتها؟ وما هي أنواع الفيديوهات التي تُشاهدها لفترةٍ أطول؟ كل هذه المعلومات تُساعد الخوارزمية في فهم اهتماماتك.
- معلومات حسابك: عمرك، موقعك الجغرافي، اللغة التي تستخدمها، كل هذه المعلومات تساعد الخوارزمية في تحديد نوع المحتوى الذي قد يعجبك.
- الأجهزة التي تستخدمها: هل تشاهد تيك توك على هاتفك أو جهاز الكمبيوتر؟ هذا يؤثر على نوع الفيديوهات المُقترحة لك.
- الوقت الذي تقضيه على التطبيق: متى تستخدم تيك توك؟ كم من الوقت تقضيه في تصفح الفيديوهات؟ هذه المعلومات تساعد الخوارزمية في تحديد أفضل الأوقات لعرض المحتوى عليك.
- الصوت والمرئيات: تُحلل الخوارزمية الصوت والمرئيات في الفيديوهات؛ لتحديد الموضوعات والكلمات الرئيسية، مما يُساعدها في اقتراح فيديوهاتٍ مُشابهة.
مجالات استخدام الخوارزميات
الخوارزميات هي العقل المُدبر وراء العديد من التطبيقات التي نستخدمها يوميًا، فهي تُساعد الشركات على فهم عملائها بشكلٍ أفضل، وتقديم تجارب تسوق مُخصصة، وتحسين عملياتها التشغيلية في مُختلف المجالات؛ مثل:
- التسويق والمبيعات: توصيات منتجاتٌ مُخصصةٌ، تسعير ديناميكي، استهداف إعلانات دقيقه، تحليل مشاعر العملاء.
- إدارة سلسلة التوريد: التنبؤ بالطلب، تخطيط الطرق، إدارة المخزون.
- الخدمات المالية: كشف الاحتيال، تقييم الائتمان، تداول الأوراق المالية.
- الموارد البشرية: التوظيف، تقييم الأداء.
- تطبيقات أخرى: توصيات الأفلام والموسيقى، محركات البحث، السيارات ذاتية القيادة.
ومع استمرار الشركات في تبني الذكاء الاصطناعي، يُمكننا أن نتوقع أن تشهد الخوارزميات تطورات مُذهلة؛ لتكون أكثر ذكاءً، وقدرةً على فهم المشاعر البشرية، والتفاعل معنا بطرقٍ طبيعيةٍ أكثر، وأن نشهد المزيد من الابتكارات التي ستغير الطريقة التي نعيش ونعمل بها.
فهل نحن مُستعدون لمواجهة التحديات التي قد تطرحها هذه التطورات؟ وضمان استخدام الخوارزميات بشكلٍ مسؤولٍ، وأن نكون حذرين من الاعتماد الكلي على الخوارزميات، وأن نحافظ على تفكيرنا النقدي، وقدرتنا على اتخاذ القرارات المُستقلة.