#مقالات رأى

“الست” من “إيزيس” إلى “ثومة”

بقلم محمد عبدالله

“كوكب الشرق” ..”صاحبة العصمة” ..” الأنسة “..” الأسطى” ..ألقاب اشتهرت بها أم كلثوم ذلك الصوت الاستثنائي والموهبة الأكثر استثنائية في تاريخ الفن الإنساني .

إلا أن لقب “الست” سيظل هو اللقب الأكثر شعبية والذي عرفها الشعب المصري والعربي به ..فلقب “الست” لقب  احتفظ به عامة الشعب المصري لكل سيدة صاحبة المكانة .

ففي عام 1928  قررت شركة الاسطوانات المتعاقدة مع أم كلثوم، منحها لقب “السيدة أم كلثوم” حتى وهي دون السابعة من عمرها  وهو اللقب الذي أغضبها  في البداية، لكنها تراجعت عن حزنها سريعًا عندما علمت بأن أغنيتها “إن كنت أسامح وأنسى الأسية” تحقق أعلى مبيعات وقتها على الإطلاق لتكون أول مطربة في التاريخ تحقق هذا القدر من النجاح والمبيعات، ويصبح لقب “السيدة” الذي حوله الشعب إلى اللقب المحبب له وهو“الست” هو لقبها المفضل مدى الحياة .

وإذا كان لقب “الست” هو اللقب الشعبي الذي  يمنحه لمن يحب ويعشق من النساء بغض النظر عن المكانة الاجتماعية، فالوجدان الشعبي قد صنع من مثلث الأمومة والبطولة النسائية”إيزيس، مريم، زينب” نموذجًا لاحترام المرأة وتقديسها، بخلاف الكثير من البلاد؛فهذا الثلاثي قد خصه الوجدان الشعبي بلقب “الست” فنقول ستنا “مريم” ..وستنا “زينب” وقبلهم بألاف السنين  أطلق المصريون على إيزيس لقب “الست” .

فهذا المثلث ارتوى من نبع التسامح وتمصير القادم إليها، إذ وحَّد الوجدان الشعبي بصورة أو بأخرى بين قصة الثلاثية النسائية، وابتكر وقام بتأليف كثير من الأساطير و القصص التي يمكن ألا يكون لها جذور تاريخية؛ فقد أنجبت” إيزيس” ابنها “حورس”، و”مريم” أنجبت المسيح واشتركت الحالتان في الإنجاب بدون اتصالٍ بشري، وعندما جاءت السيدة “زينب” إلى مصر استدعى الوجدان الشعبي لها قصة رأس “الحسين” وآلام رحلة المجيء بها إلى مصر، حتى يصنع لها جذورًا في الوجدان الجمعي.

وتحتفظ السيدة “ستنا مريم” بمكانة كبيرة لدى المصريين- مسلمين أو مسيحيين، متدينين أو غير متدينين- فهي التي كرَّمها القرآن الكريم وقال إن المولى عز وجل اصطفاها وطهَّرها على نساء العالمين، وهي أكثر الشخصيات النسائية قداسة في المسيحية، وهي تمثل لدى المصريين بصفة خاصة حلقة من حلقات تعلق الروح المصرية وتجلياتها؛فهي” إيزيس” الوسطى التي حصلت على كافة صفات” إيزيس” القديمة ونقل المصريون المسلمون هذه التجليات إلى ستنا “زينب” .

رحلت ” الست ” منذ 50 عاما وعبق صوتها يعطر الساحة الفنية الغنائية ومازالت تعتلي قمة الغناء في العالم العربي ولم يستطع أحد أن يقترب من مكانتها في قلوب الملايين الذين لايزالون ينادونها باسم ” الست “.

Leave a comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *