#مقالات رأى

الوفاء قمة الأخلاق

 

سامي محمد المرسي

ترتبط قيمة الوفاء الجميلة بمفهوم لا يقل جمالًا ألا وهو رد الجميل، صحيح الإنسان بطبعه ينزع إلى تحقيق غاياته بأساليب مطاطة تتيح له التفاعل إزاء المعطيات بمنظور يشمل السلوك السوي فيما يسند تحقيق مصلحته سواء أكان ذلك معنويًا أم ماديًا، هذا الأمر ينسحب على علاقة المؤسسات مع بعضها البعض وكذلك على مستوى الأفراد، وهذا يكشف عن عمق الترابط الإنساني بين الناس، وفي واقع الأمر فإن الخير وزرع بذوره الطيبة العطرة يجسد التفاعل الخلاق من خلال التعاون المثمر ليترجم المشاعر النبيلة على أرض الواقع من خلال العطاء المتدفق، وهذا يعني الكثير لمن نرفع عنه أحزانه من خلال مبادرات جميلة، تندرج تحت الوفاء بالجانب المعنوي والالتزام الأدبي، الذي يجنح إلي تعزيز النسيج الاجتماعي. ولا شك أن الوفاء للوطن يعزز الولاء وحب الوطن الذي هو الشجرة وارفة الظلال لتحقيق أهدافه.

إذن يكون الوفاء أهم قيمة إنسانية، بل يأتي في طليعة الأخلاق الإنسانية، الوفاء مظهر النبل والتقوى الحقة، ففطرة الإنسان الورع تدفعه لشكر المعروف ومكافأة الإحسان بالإحسان، وأن يكون وفيًا لمن عاشره بخير.

والوفاء يعني: وفاء الموقف، ووفاء العشرة ووفاء العهد، والأديان السماوية جميعها تحث على الوفاء بمختلف أشكاله وألوانه، وهذا ما تصرح به الآية الكريمة ﴿هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ﴾ فهي تستثير مشاعر الإنسان الوجدانية، حيث لو طرح هذا التساؤل على نفسه فإن فطرته النقية ستجيب بجلاء ووضوح بأن الإحسان يكافأ بالإحسان، وأن هذا الإحسان يُكافأ به المحسن بغض النظر عن دينه وتوجهه.

جرت في الكافر والمؤمن والبر والفاجر، من صُنع إليه معروف فعليه أن يكافأ به، وليست المكافأة أن تصنع كما صنع، ـ أي تزيد ـ فإن صنعت كما صنع كان له الفضل في الابتداء وتأتي الفضيلة الأخلاقية على رأس السياقات المختلفة.

من هنا جاءت فضيلة الوفاء في أعلى سلم الفضائل الإنسانية وأكثرها انسجاما مع الفطرة السليمة التي جبل الله البشر عليها.

الوفاء من الجوانب الإنسانية التي ترفع من قدر الإنسان درجات عالية، وعلينا ألا ننكر فضل كل من يسدي معروفًا مهما صغر مقداره، فيجب مقابلته بما هو أفضل منه وإحسان أكبر. فقد نتعرض لمواقف عصيبة فنجد من يسدي لنا معروفًا، حتى لو بكلمة طيبة لكنها ترفع عن كاهلنا الأثقال الشديدة.

علينا أن نحفظ شكره، ونحفظ هذا الصنيع له، وإذا ما سنحت لنا الظروف رد الجميل علينا أن نبادر برد الجميل دون تأخير لأن الوفاء موقف.

الوفاء يعني احترام الآخرين حتى في غيابهم وأن نقدر مكانتهم حتى لو كانوا لنا خصومًا، لأن الوفاء يرسي دعائم الثقة بين الأفراد، ويؤكد أواصر التعاون في المجتمع، ويحقق الأمان لأفراد الوطن الواحد، دون تمييز مسلمين وغير مسلمين، وإذا تحلى الناس بخلق الوفاء في عقودهم وعهودهم ووعودهم، وعلاقاتهم الاجتماعية والتجارية، ومعاملاتهم الإنسانية والمالية، وقام كل فرد بأداء ما عليه من حقوق وواجبات، تحقق الأمن بين أبناء المجتمع، وأمن الناس على دمائهم وأموالهم وأعراضهم.

Leave a comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *