#ثقافة وفن

أحمد أمين.. دولاب الشخصيات و”الصُفّارة”

رؤية نقدية – محمد وائل

يُعد الفنان أحمد أمين من الفنانين المتميزين بفنهم، يغرد خارج السرب، بعد أن استطاع من خلال أعمال فنية قليلة أن يكتسب قاعدة جماهيرية كبيرة، بدايةً من فيديوهاته على اليوتيوب مرورًا ببرنامج (البلاتوه) و(أمين وشركاه)؛ حيث إن الكوميديا التي يقدمها أمين مختلفة عن الكوميديا التي تقدم في الآونة الأخيرة من قبل عديد من نجوم الكوميديا، ويبرر هؤلاء النجوم سقوطهم المتكرر عدم وجود نص جيد ولكني أرى أن المسألة تكمن في عدم وجود فكر جيد وثقافة تستطيع أن تتجاوب مع هذا الجيل الحالي.

فنحن على دراية بأن نجوم الكوميديا يتدخلون في النص أو الورق المقدم لهم وأحيانًا يكون النجم هو صاحب فكرة العمل الفني كما حدث هذا مع نجم كوميدي تربع على عرش الإيرادات لسنوات عديدة ومع ذلك الفيلم كان سيء للغاية.

وفي هذا الماراثون الرمضاني نجد الكاتبة سارة هجرس شاركت في كتابة حلقات (الكبير أوي) ومسلسل (الصفارة) و بالرغم من ذلك نجد مسلسل (الصفارة) يقدم كوميديا راقية بقدر الإمكان تعتمد على المواقف والإيفهات الحيوية على عكس مسلسل (الكبير أوي) والسبب في ذلك فكر وثقافة أحمد أمين المختلفة عن باقي الفنانين؛ حيث إنه شارك في كتابة المسلسل.

أحمد أمين تخرج في كلية الفنون الجميلة وقام بإخراج مسرحية وهو في الخامسة عشر من عمره ثم بدأ حياته المهنية من خلال صحافة وأدب الطفل؛ حيث كان رئيس تحرير مجلة (باسم) وهو من قام بكتابة مسلسل (بسنت ودياسطي) وهنا علينا الوقوف والتأمل في بدايته؛ حيث علاقته الناجحة مع الطفل والتي تكونت من خلال الصحافة والأدب وبعض الأعمال الفنية بالتأكيد أثرت على شخصيته وفكره وثقافته، وهنا أتذكر “نجم” آخر من نجوم الكوميديا كانت بداية انطلاقه من خلال صحافة الطفل أيضًا وأثر ذلك على العديد من الأعمال الفنية التي قدمها فيما بعد حتى تطورت أعماله الفنية بشكل متصاعد ولكنه يعاني الآن من هبوط في مستوى الأفكار والأعمال التي يقدمها.

عندما قدم أحمد أمين برنامج (البلاتوه) التفت كثير من الشباب إليه، ففكرة البرنامج غريبة وجديدة على الإعلام المصري وبالرغم من ذلك نجح أمين في البرنامج نجاحًا منقطع النظير، فاستطاع كثير من المخرجين اكتشاف موهبة أمين ودولاب الشخصيات الذي يمتلكه.. نعم دولاب الشخصيات وتلك هي أهم سمة لدى أحمد أمين، فهو لديه سمات شكلية وجسمانية تجعله يتلون بشخصيات مختلفة تمامًا عن بعضها، والغريب أن كل شخصية من الشخصيات التي قدمها أمين تشعر وكأنها شخصيته وهذا لأنه متمكن في فن التشخيص، للدرجة التي تجعله يقدم شخصية (رفعت إسماعيل) في مسلسل (ما وراء الطبيعة) والمسلسل تصنيفه رعب والشخصية تراجيدية وجادة لأقصى درجة فكيف هذه الشخصية يؤديها أحمد أمين الممثل الكوميدي؟!

وبالرغم من ذلك نجح ففي هذا العمل الفني، استطاع أن يتقمص تلك الشخصية بمنتهى البراعة والسلاسة وهذا على لسان قراء سلسلة (ما وراء الطبيعة) فأمين أدى الشخصية كما كان يذهب خيالهم إليها.

وهنا أتذكر النجم الكوميدي نفسه الذي انطلق من خلال إعلام الطفل وقام بتمثيل العديد من الأدوار التراجيدية، وكان ناجحًا فيها وفي ذروة نجاحه قدم أفكار “مطرقعة” ناجحة تتقارب تلك الأفكار مع فكرة مسلسل (الصفارة) التي يقدمها أمين حاليًا، ولكن أحمد أمين قدمها في العمل الرابع أو الخامس له.

لذلك على أمين أن يعرف ماذا بعد؟.. فأنا أرى أنه يستطيع أن يصنع لنفسه تاريخًا مختلفًا عن نجوم الكوميديا المعاصرين.

ويُعد مسلسل (الصفارة) من المسلسلات التي نالت إعجاب المشاهد بدايةً من التتر وهنا علينا أن نشير أن أحمد أمين شارك في غناء التتر مع هشام عباس وتلك هي السمة الثانية لدى أحمد أمين، وهي أنه لا يكتفي بموهبة واحدة، فهو تعلم وتدرب فن الموسيقى مما جعلنا كمشاهدين ومستمعين لا نستطيع أن نفرق بين صوته وصوت هشام عباس، ولكن تخيل معي أيها القارئ عندما يتم الدمج بين السمتين الأولى والثانية ماذا سيحدث؟.. بالطبع ستجد كثيرًا من الشخصيات التي يقدمها أمين يتم تقديمها على مستوى عالٍ من العمق والواقعية فمثلا إذا أراد أن يقدم شخصية مطرب شعبي يستطيع أن يقدمه إلى حد التطابق مع الواقع مثلما حدث في المسلسل، وإذا استطاع أن يقدم شخصية كاتب أو شاعر ينجح أيضًا في ذلك.

وأجد أن هذا المسلسل استطاع أن يظهر لنا الشخصيات التي يحتفظ بها أمين في دولابه، على الرغم من أن كثيرًا انتقدوا ذلك، واتهموا أمين بتكرار نفسه بسبب تشابه تلك الشخصيات مع الشخصيات التي قدمها في (البلاتوه) ولكن أجد أنه حتى وإن استغل ذلك فهذا ذكاء منه؛ لأن العمل الدرامي يختلف عن العمل البرامجي أو (الاسكتشات)، فالعمل يحتوي على رسالة مهمة ومباشرة للغاية ولكن تم تقديمها في قالب من الأحداث مختلف عما تم تقديمه من قبل على المستوى المصري، وأجد أنه من الذكاء تقديم العمل في ١٥ حلقة فقط.

كما أرى أن نجاح المسلسل يعود لأحمد أمين والعلاقة المتميزة التي تكونت بينه والفنان طه دسوقي، فالاثنان يتبادلان (الإيفهات) بمنتهى السلاسة وأغلب الضحك نتج عن طريق ظهورهما سويًا على الشاشة وتلك هي السمة الثالثة لأحمد أمين فهو يحب النجاح من خلال فريق والعمل التعاوني أكثر من العمل الفردي وهذا يدل على ذكائه الفني والاجتماعي.

Leave a comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *