#مقالات رأى

من وحي القلم.. فَرَاشٌ وجَرَادٌ

بقلم- د. عادل اليماني:

تضطربُ حركةُ الإنسانِ، مع الخوفِ والفزعِ، وقد تعودُ وتنتظمُ جبراً، مع الذهولِ والوجومِ ! لتصبحَ هَذِهِ الحركةُ تماماً، كحركةِ الفراشِ ثم الجرادِ..

معلومٌ أنَّ حركةَ الفراشِ، تختلفُ عن حركةِ الجرادِ، فالأولى شيمتُها الاضطرابُ، وعدمُ التوافقِ والانتظامِ، والثانيةُ تتسمُ بالانتظامِ والانضباطِ، وذلكَ مع الكثرةِ، فى كلتا الحالتين.

الجرادُ يسيرُ وفقاً لترتيبٍ منظمٍ، ويعرفُ أينَ يذهبُ، أما الفَراشُ، فيسيرُ بشكلٍ فوضويٍّ .

وفى أصعبِ الأوقاتِ وأشدِها قسوةً ومرارةً، لحظاتِ قيامِ الساعةِ، يكونُ حالُ الناسِ، فى أولِ بعثتِهم (المرحلةِ الأولى للقيامةِ) للهولِ والرعبِ، الذى يكونون عليه، «كالفراشِ المبثوثِ» فى حيرتِه واضطرابِه، فهو يتساءلُ، من شدةِ ذهولِه وهلعِه، ما الأمرُ، ماذا يحدثُ؟ حالُه كحالِ الفراشِ، خوفٌ وفوضى: «يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَرَاشِ الْمَبْثُوثِ..» الحيرةُ والرعبُ، مع عَدَمِ وضوحِ الأمرِ، فالاضطرابُ والتخبطُ، شيمةُ هَذِه المرحلةِ (فَرَاش)..

أما عندَ البعثِ (المرحلةُ الثانيةُ للقيامةِ) لما يكتملُ قيامُ الساعةِ، حيثُ الْفَزَعُ الأَكْبَرُ، فالاتجاهُ واحدٌ ومعلومٌ، فإنَّهم جميعاً، ذاهبون إلى المحشرِ وبإنتظامٍ : «يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُّنتَشِرٌ..»

الحيرةُ والرعبُ أيضاً، ولكنَّ الأمرَ واضحٌ تماماً، نحنُ مقبلون على الحسابِ، والفوضى غيرُ مقبولةٍ، ولا مسموحٌ بها (جَرَادٌ)..

وسواءٌ أكانَ الأمرُ فراشاً أو جراداً، فالمؤمنُ آمنٌ، المؤمنُ مطمئنٌ، حتى عندَ قيامِ الساعةِ: «لا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِى كُنتُمْ تُوعَدُونَ..»

«مَن جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِّنْهَا وَهُم مِّن فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ ..»

المسألةُ بسيطةٌ للغايةِ، لخصَها الحديثُ القدسيُّ الشريفُ: «وعِزَّتِى لا أجمعُ على عَبدى خَوفيْنِ وأَمنيْنِ، إذا خافَنى فى الدُّنيا، أمَّنْتُه يومَ القيامةِ، وإذا أمِنَنى فى الدُّنيا، أَخَفْتُه يومَ القيامةِ..»

وهَذِه عدالةُ ربِنا، جلتْ قدرتُه..

Leave a comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *