#مقالات رأى

ضغوط العمل والعلاقات الإنسانية

 

بقلم : دعاء رضا محمود

أصبحت ضغوط العمل من الظواهر الطبيعية في حياة الناس التي لا يمكن تفاديها نهائيا، فنتيجة للانفجار المعرفي والتكنولوجي صار إلزاما على العامل أن ينتج أكثر  وأكثر  ويعمل أطول للحفاظ على وظيفته ما يضعه في مواجهة ضغوط مهنيه تفرضها البيئة التنظيمية، دون أن ننسى تأثير الضغوط الشخصية التي يحملها معه من بيئته المجتمعية، ما يخلف آثار سلبية على نفسيته، سلوكه، مواقفه اتجاه وظيفتة، اتجاه زملاءه ومنظمته، لأجل ذلك سميت ضغوط العمل (بالقاتل الصامت أو القنبلة الموقوتة) كونها تتبلور وتنمو داخل الفرد شيئا فشيئا حتى تصبح جزءاً لا يتجزأ من حياته، تنفجر ساعة احتدام الصراع بين أهداف الفرد وأهداف المنظمة. وعلى الرغم من تفاوت حدة هذه الضغوط من فرد لآخر، إلاّ أن تدني مستوى الكفاءة والإنتاجية، وزيادة معدلات الغياب والتسرب، وإنخفاض مستوى الأداء والرضا الوظيفي تعد من أبرز آثار تفشي هذه الضغوط.

ولذلك أناشد جميع المنظمات بالإهتمام بالعلاقات الإنسانية، حيث نجد أن العلاقات الإنسانية تساهم في التخفيف من حدة المعاناة في بيئة العمل، حيث يساهم غياب الدعم النفسي والتعاون كأوجه للعلاقات الإنسانية بين العاملين في بيئة العمل في التأثير على إدراكهم لبعضهم البعض وتكوين إتجاهات سلبية نحو بعضهم البعض، مما ينعكس سلباً على الروح المعنوية لديهم وكذا إنخفاض درجة دافعيتهم للعمل، وبالتالي تزداد حساسيتهم للضغوط المهنية ويقعون فريسة للاجتهاد النفسي، فالمعاناة من العمل كنتيجة حتمية، فهذا النوع من العلاقات له تأثير وأهمية بالنسبة للعامل لتحسين أدائه وتحقيق توافقه في العمل.

حيث أشار الدين الإسلامي إلى ضرورة هذا النوع من العلاقات الطيبة بين الأفراد وخلق جو من الفهم والثقة والإحترام بينهم بدءاً من الأسرة إلى جماعات العمل.

فقد قال الله سبحانه وتعالى في محكم تنزيله ( وتعاونوا على البر  والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان) سورة المائدة الآية: (2).

وقال صلى الله عليه وسلم ( البر حسن الخلق)، وقال (إن الرجل ليدرك بحسن خلقه درجات قائم الليل والنهار)، وقال( الكلمة الطيبة صدقة)، وقال (لا تحقرن من المعروف شيئا ولو تلقي أخاك بوجه طليق)، وقد صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: والله في عون العبد ماكان العبد في عون أخيه) وأنه قال ( من دل على خير فله مثل أجر فاعله) وأنه قال( من دعا إلى هدي كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا ). ( الإمام النووي،1999، ص ص: 10، 64، 228، 229)

يتضح مما سبق حرص الدين الإسلامي قرآن وسنة منذ آلاف السنين على الروابط الاجتماعية ونصيحة المؤمن لأخيه ومساندته في السراء والضراء لا لشيء إلا للحفاظ على تماسك الجماعة وتحقيق أهدافها الدنيوية والأخروية، ولعل من أوجه العلاقات الإنسانية الدعم والمساندة النفسية والاجتماعية، وكذا التعاون والانسجام بين أفراد الجماعة.

إدارة الجودة بالمعهد العالي للهندسة

Leave a comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *