#مقالات رأى

عالم الميتافيرس

 

بقلم / أ.م.د. هند يحى عبد المهدى

 

     من الواضح أن العصر الذي نعيش فيه هو عصر العلم والتكنولوجيا، وهو عصر التفجر المعرفي والانتشار الثقافي السريع وانتشار نظم الاتصالات والاستعمال المتزايد للحاسوب والتوسع في استخدام شبكة الانترنت، الأمر الذي جعل العالم قرية كونية إلكترونية.  وقد بدأت الدول تشعر بالأهمية المتزايدة للتربية المعلوماتية ولمحو أمية الحاسوب من خلال توفير بيئة تعليمية وتدريبية تفاعلية تجذب اهتمام الأفراد في عصر يتميز بالتطور المتسارع والتغير المستمر، ويعتبر توظيف تقنية المعلومات والانترنت في الصحافة من أهم مؤشرات تحول مجتمع الصحفيين إلى مجتمع معلوماتي، لأن ذلك سيسهم في زيادة كفاءة وفعالية المؤسسات الصحفية، وفي نشر الوعي المعلوماتي لدى الصحفيين.

     ويتجه العالم فى الأعوام الأخيرة نحو إزالة الحاجز بين العالم المادى والعالم الرقمى من خلال الاستفادة من المستوى المتقدم للتطور الحاصل فى مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، سعيًا منه لتحسين التفاعل بين الإنسان والآلة، بدون أن يستبدل أحدهم بالآخر، إيمانا بأهمية وضرورة وجود الطرفان، واستمر العالم يبحث ويستكشف من أجل الوصول إلى الوجهة، وكان سلاحه التقنيات التى أفرزتها الثورة الصناعية الثالثة والرابعة من الحواسيب والإنترنت.

     فاليوم كل العالم يتحدث عن تقنية الميتافيرس، وذلك عندما أعلن وبشكل رسمى أحد أكبر رجال الأعمال والمبرمجين فى العالم Mark Zuckerberg  المؤسس والرئيس التنفيذى لشركة الفيسبوك عن الميتافيرس، وذلك يوم 27 أكتوبر 2021 م،  حيث جاء فى الإعلان أنه سيتم تغيير اسم شركة Facebook إلى Meta ، وستعمل الشركة تحت هذا الإسم الجديد على المساعدة فى بناء إنترنت يوطد العلاقات الاجتماعية ويُجسد التجارب ويجعل المستخدم عنصرا بداخلها، وليس مجرد مشاهدا لها.

والميتافيرس يُعد عالم افتراضى من الدرجة الأولى وتتلخص فكرته فى تمكين الإنسان من السفر إلى عالم من الخيال أشبه بدرجة كبيرة بالواقع المادى، وذلك من خلال إدخال الإنسان إلى عالم مصطنع شبيه بالواقع واختيار شكل آفاتار لكل شخص، واستخدام الأجهزة البصرية لخلق عالم بصرى لجميع الأشياء المحيطة بالإنسان واستخدام أجهزة الاستشعار من أجل محاكاة الإحساس باللمس لدى الإنسان وجعله يشعر بردود الفعل التى يشعر بها فى الواقع الحقيقى. 

ومن الممكن أن يتم استخدام الميتافيرس فى عدة مجالات تفيد البشرية مثل:

  • مجال الصحافة:

وذلك من خلال التواصل مع القراء والمستخدمين وإجراء حوار معهم من خلال الميتافيرس، وعمل محفظة التشفير ( عملة رقمية) لشراء المنتجات الصحفية ( فيديو، صوت، نصوص) من خلال تقنية البلوك تشين، وتزود الأشخاص بدخل مناسب للعيش والربح. وعمل اجتماع افتراضى بين رئيس التحرير والمحررين أو رؤساء الأقسام أو بين الصحفيين وبعضهم البعض عبر الميتافيرس وكل فرد منهم فى مكان مختلف عن الآخر ( فى الواقع)،  وإثبات ملكية الأخبار الرقمية لمحرريها من خلال التشفير وامتلاك محفظة مع إمكانية الوصول لها، ويمكن إثبات ملكية الخبر على البلوك تشين.

  • مجال التجارة:

يمكن الوصول إلى البيانات الضخمة لضمان شعبية الخدمات المقدمة فى الميتافيرس، لذلك سوف تمنح ميزة كبيرة على المنافسين تعمل على تعزيز القوة السوقية للمنصة، أو تمكينها من الاستفادة من القوة فى مناطق الخدمة.

  • مجال العقارات:

تعد Metaverse Property هى أول شركة عقارية قائمة على الواقع الافتراضى بالكامل، مما يعمل على توفير صناعة الأراضى الافتراضية الناشئة من خلال مجموعة من تطبيقات الميتافيرس، وتسهل خاصية الميتافيرس عمليات الشراء المختلفة وبيع العقارات الافتراضية والتسويق لها.

  • مجال الصحة:

عالم الميتافيرس سيحد من انتشار الأوبئة والأمراض، وتسيير الأعمال من خلال عالم افتراضى.

 

ومن هنا يمكننا أن نقول أن الميتافيرس مهم جدا فى شتى أنواع الحياة لكن يجب احترام الخصوصية وتطبيق لوائح وقوانين لاستخدامه، ويجب أن يكون الميتافيرس قابل للوصول وقابل للتشغيل على نطاق واسع.

الأستاذ المساعد بالمعهد الدولى العالى بالشروق

dr.hend_yehia@hotmail.com

    


 

Leave a comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *