#مقالات رأى

رؤية مستقبلية للتنمية المستدامة

بقلم: دعاء رضا محمود

إن التنمية المستدامة بقدرما هي قضية تنموية فهي قضية إنسانية وأخلاقية في الوقت ذاته، فلم يعّد هناك شخص في العالم يمكنه تجاهل أهمية الحفاظ على البيئة التي يعيش فيها وأهمية الحفاظ على موارد هذه البيئة وعّدم إستنزافها، فقد أصبحت المشاكل المتعلقة بقضايا التنمية المستدامة محط إهتمام العالم كله لأنهم أدركوا أهمية هذه القضايا ولأن هذه المشاكل بدأت تهدد حاضرهم ومستقبل أجيالهم.

ويعد مفهوم التنمية من أقدم المفاهيم العالمية إذ تمثل عملية تغيير من واقع إلى واقع أفضل منه على جميع المستويات، فالتنمية عنصر أساسي للإستقرار والتطور الإنساني والإجتماعي، وهي عملية تطور شامل أو جزئي مستمر وتتخذ أشكالاً مختلفة تهدف إلى الرقي بالوضع الإنساني إلى الرفاه والاستقرار والتطور بما يتوافق مع إحتياجاته وإمكانياته الاقتصادية والاجتماعية والفكرية، وتعتبر وسيلة الإنسان وغايته، أي إكساب المجتمع القدرة على التطوير الذاتي لواقعه وهي بذلك تتوجه نحو إعادة تنظيم وتوجيه.

 أما الإستدامة فهي إستخدام الموارد الطبيعية بطريقة فعالة، بحيث لاتؤدي إلى نفاذها. ومن المهم عند تطبيق إستراتيجية الإستدامة أن يكون هناك تشجيع على الإبتكار، وبذلك يصبح لدينا بدائل للموارد الطبيعية المهددة بالنفاذ.

في عام ١٩٨٧ وضعت اللجنة العالمیة للبیئة والتنمیة التابعة للأمم المتحدة أول تعريف للتنمية المستدامة في تقريرها “مستقبلنا المشترك”، وقد تم تعريف التنمية المستدامة علي إنها التنمية التي تلبي إحتياجات الحاضر دون المساس بقدرة الأجيال القادمة على تلبية إحتياجاتها الخاصة، فهي التنمية التي تأخذ بعين الإعتبارالأبعاد الإجتماعية والبيئية والاقتصادية لحسن إستغلال الموارد المتاحة لتلبية حاجات الأفراد مع الإحتفاظ بحق الأجيال القادمة. فالتنمية المستدامة تتطلب تحسين ظروف المعيشة لجميع الأفراد دون زيادة إستخدام الموارد الطبيعية إلى ما يتجاوز قدرة كوكب الأرض على التحمل.

  ومن أهم أمثلة أهداف التنمية المستدامة من خلال بعض البنود التي من شأنها التأثير مباشرة في الظروف المعيشية للناس،علي سبيل المثال وليس الحصر:

الصحة:

تهدف الإستدامة الإقتصادية فيها إلى زيادة الإنتاجية من خلال الرعاية الصحية والوقائية وتحسين الصحة والأمان في أماكن العمل. وتهدف الإستدامة الإجتماعية تواجد معايير للهواء والمياه والضوضاء لحماية صحة البشر وضمان الرعاية الصحية الأولية. وتهدف الإستدامة البيئية إلى ضمان الحماية الكافية للموارد البيولوجية والأنظمة الإيكولوجية والأنظمة الداعمة للحياة. 

المياه:

تهدف الإستدامة الإقتصادية فيها إلى ضمان إمداد كافٍ من المياه ورفع كفاءة إستخدام المياه في التنمية الزراعية والصناعية والحضرية والريفية. وتهدف الإستدامة الاجتماعية إلى تأمين الحصول على المياه في المنطقة الكافية للاستعمال المنزلي والمشاريع الزراعية. وتهدف الإستدامة البيئية إلى ضمان الحماية الكافية للمستجمعات المائية والمياه الجوفية وموارد المياه العذبة وأنظمتها الإيكولوجي. 

الغذاء:

تهدف الإستدامة الإقتصادية فيه إلى رفع الإنتاجية الزراعية والإنتاج من أجل تحقيق الأمن الغذائي الإقليمي والتصديري. أما الإستدامة الاجتماعية فتهدف إلى تحسين الإنتاجية وضمان الأمن الغذائي. وتهدف الإستدامة البيئية إلى ضمان الإستخدام المستدام والحفاظ على الأراضي والغابات والمياه والحياة البرية والأسماك وموارد المياه.

التعليم:

لابد من النظر إلى التعليم في ضوء الرؤية المتجددة للتنمية البشرية والاجتماعية المستدامة والقابلة للاستمرار ، ويجب أن تأخذ هذه الرؤية المستدامة في الإعتبار الإبعاد الإجتماعية والبيئية والاقتصادية للتنمية البشرية والطرق المختلفة التي تتصل بها التربية، أي الوصول إلي التعليم التمكيني الذي يبني الموارد البشرية التي نحتاج إلى أن تكون منتجة ومواصله التعلم، وحل المشاكل والإبداع، وعندما تضمن الأمم أن يكون هذا التعليم متاحاً للجميع طوال حياتهم، فالتعليم يصبح محركاً للتنمية المستدامة ومفتاحا لعالم أفضل.

وبالتالي نستطيع القول أن رؤية مصر2030 التي أطلقتها الحكومة المصرية في فبراير2016 . وتتكون الرؤية من ثمانية أهداف وطنية رئيسية يجب تحقيقها بحلول عام 2030 ، والتي تتماشي مع أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة (SDGs) وإستراتيجية التنمية المستدامة لأفريقيا عام 2060. وفي ظل الظروف الداخلية والإقليمية المتغيرة في مصر، تم تحديث رؤية مصر 2030 لمواجهة  لهذه التحديات الجديدة بالتعاون مع مختلف الوزارات والقطاع الخاص، بالإضافة إلي مساعدة منظمات المجتمع المدني ومختلف الخبراء والمتخصصين في مجالات متعددة.

  ويمكن توضيح الكيفية التي تسهم في تحقيق أهداف وغايات التنمية المستدامة 

  • القضاء على الفقر بجميع أشكاله في كل مكان: كفالة حشد موارد كبيرة من مصادر متنوعة، بما في ذلك عن طريق التعاون الإنمائي المعزَّز، من أجل تزويد البلدان النامية، بما يكفيها من الوسائل التي يمكن التنبؤ بها من أجل تنفيذ البرامج والسياسات الرامية إلى القضاءعلى الفقر بجميع أبعاده، تأتي موارد التنمية من مصادر متنوعة، منها الميزانيات العمومية أو الجهات المانحة (مثل القروض أوالمنح المقدمة من المؤسسات الدولية) أو القطاع الخاص (مثل الاستثمار المحلي أو الأجنبي، الأنشطة الخيرية) أو مزيج من هذه المصادر.
  • ضمان التعليم الجيد المنصف والشامل للجميع وتعزيز فرص التعلم مدى الحياة للجميع: بنسبة كبيرة في الشباب والكبار الذين تتوافر لديهم المهارات المناسبة، بما في ذلك المهارات التقنية والمهنية، للعمل وشغل وظائف لائقة ولمباشرة الأعمال الحرة بحلول عام 2030. ويجب أن تتضمن مهارات ريادة الأعمال التجارية المهارات اللازمة لإجرا ء المعاملات التجارية الأساسية، ومساعدة المنشآت التجارية على التنافس في الأسواق المحلية والدولية وتنفيذ إستراتيجيات لمواجهة الضوائق المالية. كما يمكن تحقيق ميزة تجارية تنافسية. وتعزيز أنشطة البحث والتطوير لتعزيز تكنولوجيا المواد الجديدة وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، والتكنولوجيات الحيوية، وإعتماد الآليات القابلة للاستدامة، وضع الخطط والبرامج التي تهدف إلى تحويل المجتمع إلى مجتمع معلوماتي، مع العمل على تحقيق أهداف عالمية كالأهداف الإنمائية للألفية.
  • تحقيق المساواة بين الجنسين وتمكين كل النساء والفتيات: إعتماد سياسات سليمة وتشريعات قابلة للإنفاذ وتعزيزها للنهوض بالمساواة بين الجنسين وتمكين كل النساء والفتيات على جميع المستويات.
  • إقامة بنى تحتية قادرة على الصمود، وتحفيز التصنيع الشامل للجميع والمستدام، وتشجيع الإبتكار: زيادة فرص حصول المشاريع الصناعية وسائر المشاريع، ولا سيما في البلدان النامية، على الخدمات المالية، بما في ذلك الائتمانات الميسورة التكلفة، وإدماجها في سلاسل القيمة والأسواق، وتيسير تطوير البنى التحتية المستدامة والقادرة على الصمود في البلدان النامية من خلال تحسين الدعم المالي والتكنولوجي والتقني.
  • ضمان وجود أنماط استهلاك وإنتاج مستدامة:  تعزيز ممارسات الشراء العمومي المستدامة وفقاً للسياسات والأولويات الوطنية.
  • التشجيع على إقامة مجتمعات مسالمة لا يُهمش فيها أحد من أجل تحقيق التنمية المستدامة، وإتاحة إمكانية وصول الجميع إلى العدالة،وبناء مؤسسات فعالة وخاضعة للمساءلة وشاملة على جميع المستويات: تعزيز سيادة القانون على الصعيدين الوطني والدولي وضمان تكافؤ فرص وصول الجميع إلى العدالة، والحد بدرجة كبيرة من الفساد والرشوة بجميع أشكالهما، وإنشاء مؤسسات فعالة وشفافة وخاضعة للمساءلة على جميع المستويات، وتوسيع وتعزيز مشاركة البلدان النامية في مؤسسات الحوكمة العالمية، وكفالة وصول الجمهور إلى المعلومات وحماية الحريات الأساسية، وفقاً للتشريعات الوطنية والاتفاقات الدولية، وتعزيز القوانين والسياسات غير التمييزية لتحقيق التنمية المستدامة وإنفاذها.
  • تعزيز وسائل التنفيذ وتنشيط الشراكة العالمية من أجل التنمية المستدامة: تشجيع وتعزيز الشراكات العامة وبين القطاع العام والخاص وشراكات المجتمع المدني الفعالة، بالاستفادة من الخبرات المكتسبة من الشراكات ومن إستراتيجياتها لتعبئة الموارد.

Leave a comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *