#أخبار #تحقيقات وحوارات

في الذكرى الـ 83 لتأسيسها.. نقابة الصحفيين ..من حلم الوجود إلى معارك الفكر والحريات 

كتب: محمدعبدالله

كانت فكرة تأسيس نقابة للصحفيين حلم ولد في  1912، على يد عدد  من أصحاب الصحف ، حيث شكلوا أول نقابة تحت التأسيس.

وفي الجمعية العمومية الأولى تم انتخاب، مسيو “كانيفيه” صاحب جريدة “لاريفورم” بالإسكندرية نقيبًا، وفارس نمر وأحمد لطفي السيد وكيلين، ولكن سرعان ما تحول الحلم ، حيث تسببت الأحداث التي شهدتها المنطقة خلال الحرب العالمية الأولي في تأجيل الفكرة.

وعادت مجددا فكرة تأسيس نقابة للصحفيين في عشرينيات القرن الماضي، بعد تأسيس أول رابطة للصحفيين على يد 5 من الصحفيين وهم “داود بركات وإسكندر سلامة ومحمد حافظ عوض وجورج طنوس”؛  وكان هدف الرابطة هو السعي باتجاه إنشاء نقابة تضم الصحفيين المشتغلين بالمهنة في مصر.

وفي عام 1924، تقدم “أمين الرافعي ومحمد حافظ عوض وليون كاسترو”، بطلب إلى رئيس الوزراء حينذاك لإصدار قانون لإنشاء نقابة للصحفيين، وقد دعا الصحفيون جميع المشتغلين بالمهنة إلى سلسلة من الاجتماعات لإعداد مشروع النقابة التي أعلنوا قيامها في نفس العام، قبل أن يصدر في العام 1936 مرسوم باعتماد نظام “جمعية الصحافة”، في عهد وزارة علي ماهر، لكن عدم اعتماد البرلمان لهذا المشروع، حال دون اكتمال الفكرة ودخولها حيز التنفيذ.

تأسيس نقابة الصحفيين

في 27 نوفمبر من العام 1939 تقدم رئيس الوزراء علي ماهر بمشروع قانون لإنشاء نقابة للصحفيين إلى مجلس النواب المصري، قبل أن يقر مجلس النواب مشروع القانون في العام 1941 بعد عامين من الجدل.

تأسست نقابة الصحفيين المصريين في 31 مارس من عام 1941 بصدور القانون رقم 10 لسنة 1941 الذي تقدم به رئيس الوزراء المصري الأسبق على ماهر إلى مجلس النواب، والذي كان يتضمن مشروع إنشاء نقابة للصحفيين في مصر،  وتوج هذا القانون نضال عدد من الآباء المؤسسين لمنهة الصحافة.

  اول جمعية عمومية

ثم انعقدت أول جمعية عمومية للصحفيين في  5 ديسمبر سنه 1941 بمحكمة مصر بباب الخلق، وهي الجمعية التي انتخبت مجلس النقابة  الأول، والذي تكون من 12 عضوا (ستة يمثلون أصحاب الصحف وستة من رؤساء التحرير والمحررين).

أبو الفتح يتنازل عن شقته

ولكن لم يكن للنقابة مقر رغم أن موافقة الحكومة على إنشائها اقترنت بشرط توفير مقر لها، الأمر الذي سارع من اجله محمود أبو الفتح بالتنازل عن شقته بعمارة الإيموبيليا لتصبح أول مقر لها.

عندما حان موعد عقد اجتماع جمعية عمومية عادية للصحفيين عام 1942 وجد مجلس النقابة‏ أن الصحفيين‏ ‏في‏ ‏أشد‏ ‏الحاجة‏ ‏إلى‏ ‏مكان‏ ‏أكثر‏ اتساعا ‏لعقد‏ ‏جمعيتهم‏ ‏و‏ ‏اهتدي‏ المجلس ‏إلى‏ ‏قاعة‏ ‏نقابة‏ ‏المحامين‏ الكبرى ‏لعقد‏ ‏هذا‏ ‏الاجتماع،‏ ‏وأثناء‏ ‏عقد‏ ‏الاجتماع‏ ‏استرعى‏ ‏انتباه‏ ‏مجلس‏ ‏النقابة‏ ‏وجود‏ ‏قطعة‏ ‏أرض‏ ‏فضاء‏ ‏مجاوره‏ ‏لنقابة‏ ‏المحامين‏ ‏عليها‏ ‏بضع‏ ‏خيام‏.‏

تخصيص أرض للنقابة

حينها توجه‏ ‏محمود‏ ‏أبو‏ ‏الفتح‏ – ‏نقيب‏ ‏الصحفيين‏ ‏إلي‏ ‏جهات‏ ‏الاختصاص‏ ‏في‏ ‏الدولة‏ ‏وطلب‏ ‏هذه‏ ‏الأرض‏ ‏ليقام‏ ‏عليها‏ ‏مبنى‏ ‏النقابة،‏ ‏لكنه‏ ‏علم‏ ‏أنها‏ ‏مملوكة‏ ‏للقوات‏ ‏المسلحة‏ ‏البريطانية وقد أنشأت‏ ‏عليها‏ ‏خياما‏ ‏يقيم‏ ‏فيها‏ ‏‏جرحى‏ ‏الحرب‏ ‏العالمية‏ ‏الثانية‏، ‏وعرض‏ ‏على‏ ‏أبو‏ ‏الفتح‏ ‏قطعة‏ ‏أرض‏ ‏أخرى‏ ‏يشغلها‏ ‏سوق‏ ‏الخضر‏ ‏والفاكهة‏ ‏بالقرب‏ من ‏هذا‏ ‏المكان‏ ‏بشارع‏ ‏رمسيس‏ ( ‏تشغلها‏ ‏حاليا‏ ‏نقابتا‏ ‏المهندسين‏ ‏والتجاريين‏ ) ‏بشرط‏ ‏أن‏ تتولى ‏نقابة‏ ‏الصحفيين‏ ‏إزالة‏ ‏آثار‏ ‏السوق‏ ‏على‏ ‏نفقتها‏ ‏الخاصة‏، ‏لكن‏ ‏مجلس‏ ‏النقابة‏ ‏رفض‏ ‏العرض‏ ‏وفضل‏ ‏الانتظار‏ حتى ‏تضع‏ ‏الحرب‏ ‏أوزارها‏ ‏ثم‏ ‏يسعى ‏مرة‏ ‏أخرى‏ ‏للحصول‏ ‏على‏ ‏قطعة‏ ‏الأرض‏ ‏المجاورة‏ ‏لنقابة‏ ‏المحامين‏.‏

وخلال‏ ‏هذه‏ ‏الفترة‏ ‏سعت‏ ‏النقابة‏ ‏لإيجار‏ ‏مقر‏ ‏آخر، وفى العام ‏( 1944) ‏كان‏ ‏فؤاد‏ ‏سراج‏ ‏الدين‏ -وزير‏ ‏الداخلية- ‏قد‏ ‏أمر‏ ‏بالاستيلاء‏ ‏على ‏مبنى‏ ‏من‏ ‏طابق‏ ‏واحد‏ ‏بشارع‏ ‏قصر‏ ‏النيل‏ (‏رقم‏ 33 ‏أمام‏ ‏عمارة‏ الإيموبيليا ‏والبنك‏ ‏الأهلي‏) ‏ومصادرته‏ ‏لصالح‏ ‏نقابة‏ ‏الصحفيين‏ ‏فورا‏ ‏بعد‏ ‏أن‏ ‏كان‏ ‏ناديا‏ ‏فخما‏ ‏للعب‏ ‏القمار‏.‏

وظل‏ ‏هذا‏ ‏المبنى ‏مقرا‏ ‏للنقابة‏ ‏وناديا‏ ‏لها‏ ‏تم‏ ‏دعمه‏ ‏بمكتبة‏ ‏قيمة‏ ‏تحتوي‏ ‏على‏أربعة‏ ‏آلاف‏ ‏كتاب‏ ‏والعديد‏ ‏من‏ ‏الدوريات‏ ‏الصحفية‏ ‏وأصبح‏ ‏يتوافد‏ ‏عليه‏ ‏الزائرون‏ ‏من‏ ‏كبار‏ ‏رجال‏ ‏الدولة‏ ‏والأدباء‏ ‏والفنانين‏، ‏ورغم‏ ‏أن‏ ‏رفعة‏ ‏مصطفى‏ ‏النحاس‏ ‏باشا‏ -رئيس‏ ‏الوزراء- ‏قد‏ ‏أمر‏ ‏بتخصيص‏ ‏قطعة‏ ‏الأرض‏ ‏المجاورة‏ ‏لنقابة‏ ‏المحامين‏ ‏ليقيم‏ ‏عليها‏ ‏الصحفيون‏ .

نقابتهم‏ ‏إلا‏ ‏أن‏ ‏مساعي‏ ‏فكري‏ ‏أباظة‏ -‏نقيب‏ ‏الصحفيين‏ في ذلك الحين- عام (1944) ‏لم‏ ‏تكلل‏ ‏بالنجاح لتنفيذ أمر رئيس الوزراء،‏ ‏لأن‏ ‏جهات‏ ‏الاختصاص‏ ‏في‏ ‏الدولة‏ ‏لم‏ ‏تكن‏ ‏قادرة‏ ‏على‏ ‏أن‏ ‏تأمر‏ ‏القوات‏ ‏المسلحة‏ ‏البريطانية‏ ‏بالجلاء‏ ‏عن‏ ‏هذه‏ ‏الأرض‏.

إنذار‏‏ ‏القيادة‏ ‏البريطانية‏

‏لم‏ ييأس ‏الصحفيون‏ ‏وغامر‏ ‏حافظ‏ ‏محمود‏ – ‏وكيل‏ ‏النقابة‏ – ‏وقام‏ ‏أثناء‏ ‏غياب‏ ‏فكري‏ ‏أباظه‏ ‏بالخارج‏ ‏بتوجيه‏ ‏إنذار‏ ‏إلى‏ ‏القيادة‏ ‏البريطانية‏ ‏بالقاهرة‏ ‏للجلاء‏ ‏عن‏ ‏هذه‏ ‏الأرض‏، ‏حيث‏ ‏أنها‏ ‏آلت‏ ‏من‏ ‏الحكومة‏ ‏المصرية‏ ‏لنقابة‏ ‏الصحفيين‏ لإقامه ‏مبنى‏ ‏جديد‏ ‏عليها‏، ‏وكانت‏ المفاجأة‏ ‏أن‏ ‏استجابت‏ ‏القيادة‏ ‏البريطانية‏ ‏على‏ ‏الفور.

Leave a comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *