#مقالات رأى

الفن أخلاق

سامي المرسي

تنهض الأمم بالاحترام من خلال قيم تحكمها، دون ذلك لا تسأل عن نهوض الأمم ، وتكمن قيمة الاحترام من خلال رعاية الفن دون الخروج عن إطار الأخلاق .

إذا  نحن طالعنا بعض معاجم اللغة العربية، وبحثا عن  مصطلح كلمة “فن، سنخلص إلي أن تعريفها الاصطلاحي هو المهارة  التي يحكمها الذوق والموهبة، وهي كلمة تطلق على مجموعة من الوسائل التي يستعملها الإنسان لإثارة مشاعره وعواطفه وأحاسيسه؛ كعاطفة الجمال وغيرها، ونحن نلجأ لتوضيح  فكرة ، وأحيانا عادات وتراث قديم، وربما التعبير عن الموجودات ، حيث  صاحب الرؤية الحاذقة أنه فنان .

إذن الفن بحر واسع لا يمكن تضييقه ؛ لكن يوجد  مجالات بعينها ارتبطت كلمة “الفن” بها بشكل لا إراديّ  بذهن المتلقى، فكان لها الحظّ الأوفر من الانتشار؛ كالفن التعبيري، والفنّ التجريدي، والفنون الأدبيّة مثل: النثر والشعر، والفنون المسرحية والسينمائية ، وغيرها من فنون تشكيلية مرئية من رسم   و نحت عمارة ، وغيرها من الفنون .

نقول هنا إن الفنان فهو الشخص الذي يقدم لنا الإبداع والمهارة والابتكار،  والحِرفيّة في موهبته المشهودة.

يسمى فنا كل عمل إبداعي ، يرتقي به صاحبه إلى الجمال آخذاً معه المتلقي إلى عالمه المرهف  بالأحاسيس ، والخيال اللامحدود .

لكننا اليوم نوظف المعنى اللغوي لكلمة “فن” في مجالات أخرى غير معهودة  بذلك؛ مثل: فنّ التّعامل مع العملاء، وفنّ تقديم الأطباق، وفنّ “الإتيكيت”، وفنون الرّدّ على الآخرين، حتى إدارة الوقت تسمي فناً  ، وقد حوى مفهوم “الفن” تعريفًا لا سقف له .

إنّنا بحاجة ماسّة إلى مفهوم الاحترام وتطبيقه بتفنن ،  في أحكامه، خاصة لدى النّشء الحديث، .

يعرف الاحترام على أنه التّكريم والإكبار والمهابة، و رعاية حرمات النفس والآخر والالتزام بذلك، و كذلك الإحسان في القول والمعاملة .

لتحقيق مبدأ الاحترام ونشره،  يجب أن يطبق الشخص هذا علي  نفسه

فن  احترام الآخر باختلافه وفكره ومعتقداته وعقيدته، فضلًا عن احترام شكله ولونه ، وقبوله جملة وتفصيلًا و احترام اختلاف الآخر الفكريّ والعقائدي يشكل الاختبار الأصعب على الفرد كثر قبولًا. ولابدّ هنا من مبادرة جادّة من الآباء والمربّين نحو احترام الفكر الشّاب، وامتلاك عقليّة متفتّحة قادرة على تفهّمه، واحتوائه دون انتقاصه أو مهاجمته، ممّا يوجب بذلك على الشّباب واليافعين مبادلتهم ذات الاحترام، ومراعاة المعتقد القديم. أمّا ما ننتهجه اليوم من تهميش  وتعطيل لفكر اليافعين بإقصائهم وآرائهم فهو مخالف للنّهج .

كما أن احترام الكون بكل ما فيه من كائنات حيّة ولاحيّة. فالطّبيعة لها الحقّ بأن تحظى باحترام الإنسان لها؛ بمحافظته عليها واستثمارها على خير وجه، وشكر الخالق على نعمه وتسخيرها له لإعانته في تحقيق الاستخلاف والعبادة في الأرض. وكلّ كائن حيّ يُرزق في أحضانها مشمول بوجوب احترامه وأداء حقّه.

وهذا يحتّم علينا إعادة بنائه وهندسته بفنّ ومهارة وابداع، وغرسه من جديد بكافّة صوره وفروعه في الأفراد لاسيما الجيل الحديث، ليصبح مبدأً دينيًّا متأصلًا ثابتًا فيهم، وسط ثورة تكنولوجيّة ضخمة وانفتاح عالميّ يجتاحنا، وعولمة مشهودة تعرض أيديولوجيّات مختلفة، كلّها ساهمت في استحداث أو تطوير مفاهيم خطرة تشكّل معول هدم وتدمير لمفهوم الاحترام؛ كالتّنمّر، والعنصريّة، والجرائم الإلكترونيّة، والتّجسس المتطوّر وغيرها من المفاهيم المضادّة والمنافية له.

Leave a comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *