#مقالات رأى

القدوة

بقلم سامي المرسي 

 قبل أن أبدأ الحديث عن القدوة، يجب أن أقول: ما هو النموذج القدوة الذي يجب أن نحتذي به ونثمن أفعاله فهو مثال لسلوكيات الآخرين. علينا أن نتقصى مسيرته،  وكيف تغلّب علي النواقص أو المعوقات التي عاندته، القدوة يمثل عادة قدرا من المثالية لدى أتباعه ومحبيه، فلا يليق به ما قد يليق بغيره من الناس. فالقدوة الحسنة، لا ينبغي أبدا أن يأتي بشيء مشين، ومن هنا ندرك أهمية القدوة إن كانت صالحة، وخطورتها إن لم تكن كذلك. قد لا يمتثل الفرد للتوجيه والخطاب لكنه يقتنع ويتأسى بأفعال القدوة الحسنة حين يراها ولو دون توجيه له بفعلها. ولعل هذا الأمر من خصائص السلوك البشري الذي لا يُقبل على أي عادة أو فكرة غالبا إلا بعد أن يدرك كونها حقيقة وواقعية.

 لأن للقدوة أهمية في حياتنا ودور في صناعة جيل  جديد وما أحوجنا إلي ذلك، إن القدوة هو الشخص الذي نضعه نصب أعيننا ونعتبر تصرفاته النموذج الذي يميزه عن غيره، ويعتبر وجهة مجتمعية، يجب التشبه به في حياتنا أخلاقيًا، ودينيًا، وعلميًا، وعمليًا.

الشخص القدوة يلعب دوراً مجتمعيا كالأستاذ، العالم  فإذا كنت قدوة لأحد عليك أن تكون قدوة؛ يتعلم منك الآخرين أسمى المبادئ الأخلاقية، والسلوكيات الحسنة، وأن تراعي تصرفاتك التي يطبقها غيرك متشبهًا بك. ومن هنا نشدد القول على العلماء، باعتبارهم صفوة  المجتمع وعليهم أن يكونوا قدوة حسنة، ومن ثم نقول إن: القدوة الحسنة مشكلة يعاني منها مجتمعنا في الوقت الحالي؛ حيث يعاصر المجتمع مؤخرًا موجة من العادات والتصرفات غير مناسبة بين الأجيال الصاعدة، والتي تولدت من انفتاح العالم على بعضه من خلال ما تروج له شبكة الإنترنت. وأصبح الكثيرون يقلدون كل ما يشاهدونه، ويقتدون بمشاهير ونجوم دون أن يدركوا المعنى الحقيقي من القدوة الحسنة. 

لذا فتسليط الضوء على أهمية القدوة الحسنة وأثرها في الوقت الحالي تساعد في نشر التوعية، والقيم التي علينا احترامها وتطبيقها، فهي ركيزة إصلاح المجتمع؛ فالقدوة الحسنة هي المحرك الذي يدفع الإنسان إلى الارتقاء بصفاته وسلوكياته، فالإنسان بفطرته يميل لما هو أفضل وينجذب لما هو مثالي كالصدق في القول والفعل، والخير، ومساعدة الآخرين وغيرها من التصرفات الجيدة. 

وبناء على ذلك يمكن أن نؤسس مجتمعًا مبنيًا على أعظم القيم والمبادئ التي تعلو، حينها سوف نكون من أعظم الدول. ومن أعظم الخصال التي تجعل منك شخصًا موثوقًا للغير ويقتدي بك غيرك، فأول ما يبحث عنه المقتدي هو الإحساس بالأمان قولًا وفعلًا. ويجب أن يكون القدوة متسما بالرحمة والتواضع فكلاهما صفتان عظيمتان وأنجح وسيلة لكسب ثقة الناس وتقريبهم منك ليقتدوا بك، أن تكون شخصًا رحيمًا بالضعيف، والفقير، والمحتاج، والتواضع يرفع من شأنك بين مجتمعك.  ويجب الاقتداء بأصحاب الهمم العالية فهم أشخاص يفعلون ما يقولون، ويخلصون نيتهم، ويتسارعون في عمل الخير ويسعون لأن يكونوا للناس خير قدوة؛ فالهمم تعني أسمى معالي الأمور. إن فطرة البشرية بطبيعتها تتأثر بالمحاكاة، فالطفل يقتدي بتصرفات والده ووالدته، والأخلاق والسلوكيات يكتسبها من مجتمعه الذي ينشأ فيه ويحتذي بخطواته، والطالب يقتدي بمعلمه في المدرسة فجميعنا نستمد قيمنا ومبادئنا متأثرين بمن حولنا. 

Leave a comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *