#مقالات رأى

الإعلام وقضايا العنف المجتمعي

 

أ.د. سهير صالح إبراهيم

 

 

أصبح العنف سمة من سمات المجتمعات المعاصرة، واحتلت قضايا وأحداث العنف المجتمعي مساحات واسعة من الأحداث اليومية، وتم توجيه أصابع الاتهام إلى وسائل الإعلام بأنها أحد أهم الأسباب الرئيسية في إثارة هذا العنف؛ بما تقدمه من مضامين تزيد من احتمالية تأثر الشباب به، خاصة أن مشاهد العنف هي الأكثر إثارة والتي يُقبِل عليها الصغار والمراهقون، إضافة إلى ارتفاع معدلات ممارستهم للألعاب الاكترونية والتعامل مع البيئة الرقمية الحديثة التي تستخدم تقنيات فنية عالية المستوى تجذب هؤلاء الصغار والشباب.

وتزايد حجم القلق من خطورة وسائل الإعلام في نشر العنف في موادها العديدة وما تتركه من آثار سلبية محتملة قد تدفعهم لارتكاب سلوكيات عنيفة تجاه الآخرين، ومع استمرار الجدل والنقاش حول العلاقة بين العنف المشاهَد وتعلم السلوك العنيف واعتبار تقليد البطل العنيف المقدم في الإعلام نموذجًا يحتذَى في القوة والسلطة لتحقيق الأهداف تقدم رسالة للشباب والصغار تظهر العنف بأنه الطريقة المثلى لحل الخلافات وأمر مقبول من المجتمع والوسيلة الأفضل في إنهاء المشكلات، وما يتبع ذلك من افتراض أن التعرض الكثيف للعنف يخلق استجابة سلبية وهي تبلّد الاحساس بما يشاهده الجمهور من عنف في الحياة الطبيعية، إضافة إلى نشر ثقافة العنف في المجتمع.

من هنا جاء اهتمام المعهد الدولي العالي للإعلام بعقد المؤتمر العلمي السادس حول “الإعلام وقضايا العنف المجتمعي” في محاولة لرصد الصورة التي تقدَّم بها قضايا العنف في المجتمع وتناولها في وسائل الإعلام وتقييم مدى الالتزام بالمعايير المهنية في الأداء الإعلامي سواء من خلال وسائل الإعلام التقليدية أو الرقمية في تناول هذه القضية الهامة في إطار أخلاقي يرسّخ لقيم التسامح والسلام الاجتماعي.

ويناقش المؤتمر هذا العام ستةً وثلاثين بحثًا لأساتذة وباحثين مصريين وعرب من جامعات مختلفة على مدار يومين، ونسعد باستضافة عشر مشاركات عربية لعمداء وأساتذة في الجامعات العربية من دول عربية شقيقة وهي: فلسطين والمملكة العربية السعودية والكويت والجزائر والإمارات والمملكة الأردنية، ليساهموا معنا في طرح هذه القضية التي تهدد المجتمعات العربية وتحظى باهتمام كبير من المتخصصين في العلوم الاجتماعية والنفسية والتربوية على مائدة النقاش العلمي، ولعل مناقشتها في مؤتمرنا السنوي يلقي الضوء على أهميتها في مجال الإعلام ويدقّ ناقوس الخطر للممارسات الخاطئة لوسائل الإعلام ودورها في نشر العنف والتعصب بمختلف أشكاله.

كما يُناقَش فى المؤتمر عددٌ من الموضوعات الشائكة  من خلال أربع جلسات نقاشية تتناول المعالجة الإعلامية لقضايا العنف المجتمعي وتأثيراته، ومشكلة التعصب الرياضي ودور الإعلام في مواجهته والحد من العنف الممارس في الملاعب، وجلسة لمناقشة القواعد الأخلاقية والمهنية لصناعة المحتوى في عصر الميتافيرس وتقنيات الذكاء الاصطناعي، والجلسة الرابعة لمناقشة تناول الإعلام للعنف الأسري وقضاياه وصورته في الدراما.

ويتناول  المؤتمر في جلساته العلمية ستة موضوعات تشمل وسائل الإعلام ونشر العنف بين الشباب، والمعالجة الدرامية لقضايا العنف ضد المرأة، وخطاب الكراهية والعنف في وسائل الإعلام والمنصات الرقمية ونشر العنف المجتمعي، وتأثير التكنولوجيا الرقمية على العنف لدى الأطفال والمراهقين، ودور الإعلام في الحد من العنف المجتمعي ومواجهته، إضافة إلى جلسة سابعة لعرض عدد من التوجهات البحثية لشباب الباحثين.

من هنا نرجو أن يساهم مؤتمرنا لهذا العام في إضافة علمية في حقل الدراسات الإعلامية التي تناقش قضايا مجتمعية ومشكلات حقيقية واقعية يعاني منها المجتمع المصري والمجتمعات العربية وتقديم عدد من التوصيات والمقترحات لهذه المشكلة المستمرة من خلال أطر منهجية متعمقة ومعالجات تطبيقية جادة.

عميدة المعهد الدولي العالي للإعلام

 

Leave a comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *